من أكبر المضحكات في تاريخ علاقات الأمم مساعي العرب لامتلاك القنبلة النووية! سافر القذافي الى الصين في سبعينيات القرن الماضي وطلب اجتماعا مغلقا مع الزعماء ماو تسيتونغ رئيس الدولة سكرتير الحزب الشيوعي وشوين لاي
رئيس الحكومة وبمعية رئيس البرلمان واشترط القذافي ان يكون الترجمان من الوفد الليبي تحوطا واحترازا من اي اساءة لترجمة كلامه.
دون لبس أو دوران طلب من الصين بيعه قنبلتين نوويتين واحدة للتفجير الفوري كتجربة نووية تستهدف الردع.. واخرى للاستعمال في حالة الضرورة القصوى!
ترك الزعيم ماو متبرما شوين لاي يتحدث في كلمة جوابية : فقال صديقنا العزيز القنبلة النووية الصينية صنعت من فوسفور الأدمغة الصينية وهي ليست للبيع.. والسبب انه لا يوجد أي ثمن يعادل قيمتها!
واصل القذافي المحاججة وراح يتحدث عن ملياراته وأطنب حتى تخطى حدود الاحتمال فوقف الزعيم ماو وانفض الاجتماع.
اجتمع الثلاثي الصيني لتدارس الحالة الغريبة... وبسرعة اتفقوا على ان الرجل ليس في قواه العقلية فأرسلوه في رحلة ترفيهية لزيارة سور الصين وكلفوا وزير الخارجية بمرافقته ...وانتهى الأمر.
اكتشف شيراك رئيس وزراء فرنسا مقدرات العراق العظيم باكرا وراح يتقرب من العراق وتلمس صداقة نائب رئيس الجمهورية صدام حسين وتبادل معه الزيارات وكانت فرنسا بعد ازمة نفط 1973 في امس الحاجة لحليف نفطي كبير بوزن العراق.
تمكن شيراك بفضل هذه الصداقة المفتعلة من توقيع عقود تجارية وعسكرية غير مسبوقة مع العراق وقد ادت هذه العقود لخلق نصف مليون فرصة عمل في فرنسا المختنقة ساعتها بالبطالة.
من بين تلك العقود بناء مفاعل نووي صغير للاستخدام السلمي وبالفعل بدأ العراق ينظم برنامجه ويكتتب العلماء العرب في الفيزياء وراحت فرنسا تساعده في التدريب والبحث . في حقيقة الامر لم يكن شيراك في قرارة نفسه يمانع في وصول العراق الى بناء ترسانة نووية اذا تمكن من ذلك لأنه يعتقد ان العرب اذا حصلوا على السلاح النووي سيكون الجو اقل توترا بسبب توازن الرعب مع اسرائيل حيث ستتلاشى عقد الدونية عند العرب وعقد العنجهية عند اليهود... ولا أدل على ذلك من قبوله لشرط استبعاد الفرنسيين من ذوي الخلفيات اليهودية من المشروع برمته.
لكن صدام حسين كان متعجلا وغير جدي بالمرة حيث سارع وبسذاجة الى احراج صديقه الفرنسي حين قال لمجلة كل العرب ان القنبلة النووية العربية ستكون جاهزة في اربع سنوات !!!
أدى الاعلان الغرائبي الى وأد المشروع حتى في صيغته السلمية..وراحت فرنسا تتلكأ وحين وصل فرانسوا ميتران للحكم نسق مع اسرائيل خطة تدمير المفاعل اليتيم وبذلك اتمت فرنسا عقدها مع العراق الذي استلم المفاعل وحولته اسرائيل لركام ومات فيه شخص واحد وهو مهندس فرنسي مسكين كانت الاستخبارات الفرنسية تستخدمه دون علمه لتحديد موقع المفاعل.
من جهة أخرى يحق لنا ان نتساءل عن كيف لمن يمتلك طموحا نوويا كبيرا ان يغرق نفسه في حرب سخيفة ودون مبررات مع جار قوي مثل ايران !؟
المحاولة المحزنة الاخرى عبارة عن عملية نصب كبرى تعرضت لها المملكة العربية السعودية التي ضخت اموالا فلكية لتمويل مشروع باكستان النووي الذي ما كان ليرى النور لولا المال السعودي السخى الذى حصلوا مقابله على الكثير ..من الوعود ...!
مازال الاخوة في المملكة يعتقدون انه بمقدورهم عند الحاجة اقتناء قنابل نووية باكستانية!
بالنسبة لي اعتقد انه من غير الوارد التعويل على باكستان في هذا المضمار لأن باكستان دولة عاقلة وتعرف ان صفقة من هذا النوع اعلان لحرب على كل الدول النووية الأخرى كما ان طريقة باكستان وعقيدتها الاستراتيجية تجعلها لا تبحث عن دور قوة عظمى في المنطقة العربية واذا قررت ذلك فستجعل السعودية وغير السعودية تحت مظلتها ولن تكتفي بمبالغ اي كان حجمها بل ستعمل على توسيع نفوذها وستتحول لامبراطورية !
وهي بالفعل صارت بفضل عباقرتها تملك كل مقومات النفوذ الامبراطوري!
من جهة اخرى أميل الى الاعتقاد الى ان هذه الصفقة -ان وجدت- مجرد عملية نصب ودليلي على ذلك هو امتناع باكستان الكامل عن ارسال اي قوة برية للمملكة في حربها باليمن ..فمن يمتنع عن ارسال قوة برية خشية التورط في نزاع ضغير اقرب ما يكون للنزاع القبلي لن يقبل من باب أولى ان يورط نفسه في نزاع دولي باسلحة نووية !
وزير سابق