مذ دخل الإسلام ورسالته السمحة وعمادها كتاب الله إلى هذه الربوع اتخذت الكتاتيب أشكالا ومناهج متعددة تتراوح بين التربوية السلوكية والتربوية الجسدية; ولايختلف اثنان أن معلم القرآن ومعلمته اقترنا بالغلظة والشدة خصوصا أنهما اتخذا كشريكين في "ردع" وترويض الاطفال الاشقياء المتمردين في البيت تماما مثل الطبيب والشرطي و"كوكوه" أو "قوقوه" أو "جوجوه" كل حسب لوحة مفاتيحه الانطباعية والمرئية...... وظل تحفيظ القرآن وتجويده ورسمه والإجازة فيه على روايتي ورش وقالون رضي الله عنهما وهما الروايتان المعتمدتان في شبه المنطقة رحلة شاقة ومليئة بالتجاوزات الفادحة سببت عزوف التلاميذ وأولياء الأمور عن الكثير من المكابدة وتدني مستويات التحفيظ وجعلت من القرآن اختصصاصا نخبويا اختياريا محفوفا بالحيطة ! وفي ظل التمدن الجديد برزت تحديات جديدة أهمها ظاهرة التسول باسم القرآن لدى المسلمين الأفارقة واقترن تحفيظ القرآن بالتعنيف الجسدي وتخلت الدولة الوطنية عن القرآن ظنا منها أنه تعليم قبل مدرسي أو هو في أحسن الأحوال شأن منزلي ; وبرزت ظاهرة المعلم الأجير التي تجعل من تعليمه عرضة للمزايدات وحظوة لمن يدفع أكثر . وظهرت مصطلحات من نوع "اكريت الهم كراي اللوح" وانتزع رداء القداسة انتزاعا!!! وموازاة مع هذه اللوحة السوداوية التي لاينكرها إلا مكابر أصيبت اللغة العربية التي هي وعاء القرآن وعنوانه في عقر ديارها فأصبحت محصورة في المراسلات وبعض الوثائق الإدارية وينظر إليها بتحفظ عند ذكر سوق العمل أو الحوار مع الآخر وكأنها ترمز للانغلاق والكسل. تلكم صرخة من أجل أهل القرآن وليست من أجل القرآن الذي هو محفوظ أصلا فماذا نحن فاعلون؟