في النسخة الخامسة من مهرجان المدن القديمة بمدينة شنقيط دعا الرئيس محمد ولد عبد العزيز جميع الفرقاء السياسيين في البلد من معارضة وموالاة إلى التداعي إلى حوار وطني شامل وبلا خطوط حمراء سبيلا إلى التوافق على خارطة طريق تؤمن
مستقبل البلاد والعباد من كل المطبات والتحديات التي لا تبقي ولا تذر, خارطة طريق يدلوا كل فيها أيّاً كان موقعه أو مشربه بدلوه دون إقصاء أو تهميش, وتسارعت الأحداث التي تصب في مجملها في بوتقة الحوار من قبل الحكومة انطلاقا من خطاب رئيس الجمهورية بشنقيط مرورا بوثيقة الوزير الأول الموجهة للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة, وانتهاء بتأجيل انتخابات مجلس الشيوخ من جانب واحد من طرف الحكومة مساهمة منها فيما يبدو في ترطيب الأجواء وفتح الباب واسعا أمام حوار شامل لا يعكره صفوه أيّ مسار انتخابي مهما كانت أهميته أو شكله, ودخل الطرفان عدة اجتماعات ممهدة للحوار وكان جو من التفاؤل يطبعها, وفجأة ودون سابق إنذار توقفت تلك الاجتماعات وعادت حليمة إلى عادتها القديمة! وبدأ التراشق بالبيانات والبيانات المضادة بين الطرفين, إلاّ أنها لم تصل حدّ إعلان أيّ طرف من الأطراف عن فشل الحوار,
ووقف الرأي العام الوطني مشدوها لما آلت إليه الأمور, ولسان حاله يتساءل لماذا انطلق الحوار أصلا؟! ولماذا توقف فصلا!؟ وهل صحيح أن العامل الذي يقف وراء تعثر الحوار هو عدم رد مكتوب من طرف الحكومة على وثيقة المنتدى؟! وليت شعري أيّ جدوائية تنتظرها المعارضة من الردّ المكتوب؟! وما الذي يضير الحكومة لو ردت على المعارضة برد مكتوب إذا كانت حقا وافقت على مضمونه شفهيا؟!! لالا أعتقد جازما أن وراء أكمة التعثر ما ورائها وإن لم يتكشف بعد, وأرجو ألاّ يكون تغليب مصالح خصوصية على مصالح عمومية, لكن السؤال الذي يطرح نفسه وبإلحاح ما كل هذا التلكؤ والتسويف في شأن الحوار؟!! ألا يستحق منا وطننا الذي هو أغلى ما نملك أن نضحي جميعا موالاة ومعارضة بالغالي والنفيس في سبيل نموه وأمانه, ورفاهيته وازدهاره...؟؟ ألا يستحق علينا هذا الوطن الحنون الذي ولدنا في ربوعه, وترعرعنا في دروبه, وكبرنا بين جباله ووهاده, وخصنا بخيراته وحنانه, وآوانا بين أرجائه وأحضانه....بلادٌ بها نيطتْ عليَ تمائمي**وأول أرض مسّ جلدي ترابها,
ألا يستحق منا وعلينا أن نستهين في سبيله كل العوائق والمتاعب, وأن نضحي بكل المكاسب الخصوصية والمناصب, له ومن أجله وفي سبيل خلاصه وازدهاره, وكبريائه وأمانه...؟على حدّ قول القائل:
ولي وطنٌ آليت ألاّ أبيعه***وألاّ أرى غيري له الدهر مالكا
وحبب أوطان الرجال إليهم***مآرب قضاها الشباب هنالكا
كم سيبقى لنا من مصالحنا الشخصية والحزبية والفئوية والعرقية وو..., إذا ما هوى الوطن في هوة سحيقة, لا قدر الله؟ لما ذا تستهينون كلكم بهذه المخاطر المحدقة بوطنكم؟؟! هل هو عن سوء تقدير منكم للعواقب؟ أم تماد في النرجسية والعناد...؟!! بل ما ذا تنتظرون؟ وعلى أيِّ مخلص تعتمدون؟!! ألم تشاهدوا العالم العربي والإفريقي من حولكم وهو يمور بالفتن والمكائد مورا؟ أم أنكم من الحرائق والفتن محصنون, وخلف أسواركم وفي أبراجكم العالية آمنون؟؟!! هيهات وكلاّ, وألف لا, لن نستطيع النجاة ببلدنا سالما آمنا مطمئنا إلى بر الآمان من هذه الفتن الجارفة التي لا تبقي ولا تذر إلاّ بوحدتنا وتضامننا وتآلفنا وتآخينا وتغليبنا المصلحة العامة على كل المصالح والمآرب الخاصة مهما كانت شخصية أو حزبية أو عرقية أو فئوية أو أو..., ختاما لا يسعني في هذا المقام إلاّ أن أذكي في نفوس جميع الموريتانيين والموريتانيات الغيورين على وطنهم سواء في الموالاة والمعارضة روح الوطنية والفداء, يا أبناء موريتانيا البررة: إن وطنكم يمخر عباب بحر هائج من المخاطر والمطبات الله وحده يعلم مدى عمقها ومآلاتها, يا أبناء موريتانيا الأخيار : إن وطنكم في أمسّ الحاجة إليكم إلى تضحياتكم إلى فدائكم إلى شهامتكم إلى تآلفكم إلى تآخيكم إلى تعاضدكم إلى تكاتفكم إلى مثابرتكم إلى نبذكم لخلافاتكم وأحقادكم إلى تغليبكم لمصلحته العامة على مصالحكم الخاصة مهما كانت وأيًا كانت إن وطنكم يدعوكم وبكل قوة واقتدار: أن تقفوا صفا واحدا له ومن أجله وفي سبيل بقائه ونمائه, وديمومته وازدهاره وو..., قبل ألاّ تكون ساعة مندم ولاة حين مناص, ولكمْ أتمنى من خالص قلبي أن يكون القوم في الموالاة والمعارضة قد اتفقوا على التواري بعيدا عن الأنظار وعن وسائل الإعلام والرأي العام الوطني بغية الحصول على وفاق وطني شامل قد يفاجئون به الجميع في القريب العاجل, (وما ذالك على الله بعزيز) فما أجملها من أمنية لو تحققتْ وإلى أن تتحققْ :
مناً إن تكن حقا تكن أحسن المنى***وإلاّ فقد عشنا بها زمنا رغدا