هل انتم مستعدون باسم الشعب للدخول في الحوار؟ / محمد الامين ولد سيد احمد

خميس, 2015-08-20 09:31

الشعب يريد الحوارمرة أخري يتعثر الحوار بين الفرقاء السياسيين لكن حتمية الحوار تبقي فوق إرادة الأطراف. فالحوار خيار استراتيجي وإن كان البعض في المعارضة والمساندة يتعامل معه بمهارات تكتيكية تجعل منه ماراتون سياسي يتسابق فيه المتنافسون إلي الوراء.

فبعد كل جولة "مفاوضات" تتعقد الأمور أكثر لتصل درجة التأزم والانسداد فيصفق الجمهور ويصفر الحكم .ويأتي دور جديد من كرة القدم وينهي الموسم بتحريف القيم و بتمزيق العلم ليبدأ الرئيس والخريف وكأس الأمم. ويبقي بلدي في حوار مع الزمن .قد تتعدد أسباب الحوار ليبقي الهدف واحد.لعل من أسباب الإخفاقات المتكررة " لمحاولات التحاور " تكمن في رغبة الأطراف تصفية التاريخ وإعادة صياغته بدلا من التركيز علي مستقبل الأمة لتأمينه من كل المخاطر حتى لا يعيد التاريخ نفسه. صدقوني انه لمن الصعب جدا، بل أقول من المستحيل أن نتوصل لاتفاق بشأن ما مضي فمن التاريخ ما يجب تجاوزه لتأسيس وضمان المستقبل ولصناعة رجال الدولة والتاريخ المستقبل..صحيح انه قد يكون من الصعب جدا التوصل لنتيجة من حوار بلا أهداف. فعندما يغيب الهدف تستسلم الإطراف بطريقة لاشعورية لثقافتها ورؤيتها الخاصة للعالم من حولها .وتسعي لفرض مارتاه حقيقية مطلقة ورفض ما يراه الآخر هو الأخر حقيقة مطلقة.فتتشكل قلاع وجبهات وتكتلات لتعاطي مع الشأن العام من منطلق المصالح الضيقة وموازين القوي الآنية فتضيع الإطراف في جولة جديدة من التصادم والتصارع والتجاذب. فتستريح لتبدآ وتهدأ لتصعد وبين هذا وذاك يضيع الوقت ويضيع الحوار وتضيع الديمقراطية وحلم الدولة الوطنية.

فالحوار يا ساداتي الكرام ليس حربا كلامية. فعلينا أن نعيد للأشياء جوهرها وأن نبعد الحوار عن الإعلام وحتي عن السياسة وان نترفع قليلا قليلا عن خدمة الذات من اجل المجتمع والوطن.

كم من حوار أفضي في بلدي إلي تشرذم وشجار لان فلان لا يروق له سماع صوت فلان.أهذا حوار أم حرب بين الشيوخ والأعيان. ويبقي الشعب تائه بدون كيان.لا أرجوكم متى كان الإعلان عن الحرب والحوار سيان.فالحوار أن تصنع الثقة وان تعيد الأمل بكل تجرد وان تضحي من اجل المستقبل فهل انتم مستعدون باسم الشعب للدخول في الحوار.

الحوار والديمقراطيةموضوعيا مشكلتنا مع الحوار انه دائما سياسي ويدور حول السلطة وشرعيتها وممارستها. وهي قضايا خطيرة و معقدة تتعلق بتنظيم وسير المؤسسات الدستورية ويجب أن تبقي موضع إجماع. فهامش القانون لا مجال فيه للحوار وكل حوار لا يحترم القانون ومبادئ الديمقراطية فهو حرام. فهل يعقل مثلا أن يحقق طرف سياسي مهما كانت براعته من خلال الحوار مكاسب سياسية تغير وتعدل في إرادة الناخب و الشعب المعبر عنها بطريقة ديمقراطية؟بمقدرنا نرفض أي حوار حول السلطة فلا يجوز الحوار حول المعارضة لان المعارضة ببساطة جزء من السلطة . فشرعية المعارضة جزء من شرعية النظام ولكل مسؤولياته الجسام. ففي غير هذا هذا يبقى من حق الأطراف السياسية أن تتفق أو تختلف وهي بذالك تخدم الديمقراطية وتخدم التنمية.ومن هنا يمكن القول انه من ممهدات الحوار الجدي والفعال أن تتحلي الأطراف المتحاورة بثقافة ديمقراطية ومؤسسية عميقة تراعي خصوصية البلد في محيطه الدولي والإقليمي وتحدد أهداف مرحلية تعمل علي تجسيدها وتدعيمها بطريقة تدريجية حتى يحس المواطن العادي انه فعلا هو الهدف والغاية من التناوب السلمي علي السلطة التي هي فعلا سلطة الشعب.ثقافة الحوار ستمهد لإرادة سياسية جديد لتطوير الحوار ولتوسيع نطاقه "دمقرطة الحوار" من اجل حوار ديمقراطي شامل وعلي كافة المستويات يضمن للجميع حق المشاركة للضعيف والقوي للفقير والغني للعالم والمتعلم للسياسي والمواطن والمزارع والمثقف وللقاصي والداني من وطننا الحبيب حتى يستعيد الشعب ثقته في الدولة والوطن والحوار.لماذا الخوف من الحوار ومن ممهدات الحواراعتقد بجدية ان لأطراف مستعدة للحوار لكن هناك نوع من التحفظ علي ما يمكن أن يحقق من نتائج لهذا الطرف أو ذاك وهذا في حد ذاته عائق في وجه تقدمه . ففي حين تري المعارضة انه سيمكن النظام من إعادة ترتيب أوراقه واستعادة نوع من الثقة علي الصعيد الداخلي والخارجي في هذه الفترة بالذات تري الأغلبية أن المعارضة جزء من الأزمة وأنها تتعامل مع الحوار علي أساس انه شوط ثالث قد يمكنها من تحقيق ما عجزت عن تحقيقه عن طريق صناديق الاقتراع . ومن هنا تبدوا المصالح حتي لا أقول المواقف متناقضة ومتعارضة جدا. لكن هذا لا يجعل الحوار مستحيلا إذا توفرت الممهدات التالية:1.  أن لا يتم حصر الحوار علي النخبة السياسية فقط حتي لا تضيع المصالح العليا للوطن في مستنقع التجاذبات السياسية الضيقة. ولنا ولغيرنا من الكتاب والمثقفون دور كبير في توعية الرأي حول ضرورة الحوار و ميادينه ومساره العام بطريقة علمية وموضوعية تحقق نتائج ملموسة يلمسها الموطن مهما كان بعيدا في حياته اليومية 22.  إنشاء مؤسسة وطنية مستقلة لتنظيم الحياة الديمقراطية وللحوار تكون واسعة الصلاحيات. لا أريد تناول صلاحياتها بالتفصيل في هذا الصدد لكنها في شكل ما قد تخفف أعباءا مالية كثيرة علي الدولة وذالك من خلال دمج صلاحيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومؤسسة وسيط الجمهورية وللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات وحتى السلطة العليا للصحافة والإعلام. ستمكن هذه المؤسسة من أن تكون إطارا لتنظيم الحوارات السياسة المؤسسية Institutionnel وتسهيل الحوار الاجتماعي. 33.  إبعاد القضاء والمؤسسة العسكرية عن مجال الجاذبات السياسية.  المهم في هذه المرحلة إلا يغيب حديث الحوار عن ساحة الحوار وهو الدور الذي يجب ان نعمل من اجله كل موقعه وحسب اختصاصه وذالك من خلال التركز علي كل ما يسهل  الحوار وتفادي كلما يبعد الحوار عن طاولة الحوار.