لا يخفى على أحد الجو السياسي المتأزم الذي تمر به موريتانيا منذ زمن وان اختلفت حدة التأزم تلك من وقت لآخر حسب "مزاج" أصحاب السلطة والراسمين سياسياستها التي تبدو في مجملها غير مٌشجعة في نهاية مأمورية وعد صاحبها بحل الكثير من المشاكل المٌلحة.
قبل أن يزيد تلك المشاكل بل ويٌعمق من بعضها لتأخذ بٌعدا أكثر استفحالا وأشد استعصاء على الحل في القريب العاجل على الأقل !! حتى لا ننسى..
في صباح 3 أغشت 2008م استيقظ الشعب على ضابط موريتاني مع مجموعة من زملائه يٌطلقون رصاصهم-الذي لم يجرب إلا في الداخل_ على حلم موريتانيا، ويطأون بأحذيتهم على وطن لم تمض عليه سوى سنة في طريق فطام مؤلم شهدت فترته الكثير من التذمر واصطناع الأزمات تماما كفِعل الصبية فترة الفطام غير أن ردة فعل الضباط وكتيبتهم البرلمانية كانت في طريقها للحسم والرجوع لسابق عهدها "البيان رقم 1" لتدحل موريتانيا فترة من الشد والجذب بين القوى الديمقراطية –والتي لم تكن داعمة لترشح الرئيس سيد محمد ولد الشيخ عبد الله- وقوى أدمنت التصفيق وألفت العيش "من المبادئ" وقيم الحرية وتحرر الشعوب ورأت في كل" بيان" منذ 1978م فرصة للتوظيف والتعيين وملء البطون على حساب شعب عانى من نٌخب "الانبطاح" حتى اللحظة.
لم تكن الٌمواجهة بين القوى الديمقراطية مٌمثلة في "الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية- والقوى الداعمة للإنقلاب بقيادة الكتيبة البرلمانية سهلة ولم تكن طريقها مفروشة بالورود ككل فعل نضالي يسعى لتحرير البشر ويقف في وجه الطغيان والتسلط بل استنشقوا في سبيل استعادة الوطن الكثير من مٌسيلات الدموع وتظاهر الشعب مٌعبرا عن رفضه "للانقلاب- لمدة تٌقارب تسعة أشهر بثبات وطول نفس أثبت للعسكر انهم لن يهنأوا بحكم العشب كرها مما دفعهم للدخول في "حوار داكار" الذي كان دخوله خطأ سمح للعسكر بالعودة بلبوس مدني .
كان الجميع –رغم معارضة البعض مبدإيا للرئيس سيد محمد ولد الشيخ عبد الله- يرى فيه رجلا مدنيا يستطيع على الأقل أن يضرب سدا بين العسكر والسلطة في بلاد عانت لعقود زواجا قسريا بين "السلطة-العسكر" ولم تكن خطوات الرئيس لتحرير السلطة سريعة بل كانت متأخرة وأتت بعد تأزم الأوضاع وتحرك الكتيبة البرلمانية لإرباك المشهد تمهيدا للبيان رقم 1. لأول مرة ....
يمكن لمن يرقب المشهد الموريتاني ويلاحظه أن يخرج بمجموعة من الملاحظات أهمها أن النظام الحالى حدثت في فترته أشياء لم تحدث في موريتانيا من قبل، لسوء الحظ أو لسوء التدبير، ولا خير في الاثنين...
فيمكن لنا أن نقوم بتعداد أمور حصلت في موريتانيا...
فلأول مرة في موريتانيا يُقدم شاب موريتاني على احراق نفسه قرب القصر الرئاسي، وتتكرر الظاهرة نفسها في المكان نفسه وللسبب نفسه: ظلم وفساد ينخر جسم الدولة ويتضرر منه المواطن كيف كان ومهما كان....
لأول في مرة موريتانيا تختطف القاعدة عسكريا من مدينة كانت آمنة في عمق الشرق الموريتاني وتهدد بقتله...
لأول مرة تنتظم مجموعات شبابية تطالب بثورة شعبية تُخلص البلاد والعباد من الحكم الحالي.
لأول مرة في موريتانيا يتم إطلاق النار على فتاة موريتانية من قبل ابن رئيس الدولة؛
لأول مرة في موريتانيا يٌصاب رئيس الدولة برصاصة مجهولة المصدر والسبب والمكان..؟!
لأول مرة ترتفع الأسعار بشكل مذهل ومتسارع، وخصوصا أسعار البنزين، وفي ذلك رسالة مفادها: أن الدولة لن تألو جهدا في جعل المواطنين في ظروف يحترقون من مرارتها ليتأكدوا أن "مخزون" العدالة الذي وٌعد بتوزيعه سراب بقيعة .... لأول مرة ترى المواطنين ينتظمون في طوابير سعيا لسد رمق فلذات أكبادهم أمام "دكاكين أمل" ليتضح أن أمل الفقراء في العيش بكرامة لما يسلكوا طريقه وأن طابورهم في المكان الخطإ... هناك الكثير من "لأول مرة في موريتانيا" لا يحضرني كله، لكني على يقين أن موريتانيا اليوم تمر بظروف لأول مرة تشهدها، هذه الظروف تستدعي من الجميع أن يكون على مستوى التحدي، وأن يعترف النظام ويقر بأن المرحلة الراهنة التي مرت وتمر بها بعض الدول العربية ليست خاصة بهم، بل هي نتيجة لممارسات غير مقبولة وحكم بعقلية لم تعد الشعوب راضية عنها، فالشعوب اليوم أصبحت واعية بمصالحها ولن تقبل أن تساق كقطعان نحو المجهول..
فهل سيكون هناك مقال بعنوان: " لأول مرة يٌقاطع الشعب الموريتاني الانتخابات الرئاسية "؟
لإجابة السؤال بإيجابية علينا استثمار التحالف السياسي الكبير" المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة" استثمارا يخدم الهدف وينحو نحو مٌقاطعة فعالة بطرق سلمية ولذلك اقترح:
-أن تنطلق حملة المٌقاطعة بالتزامن مع الحملة الرئاسية بشكل رسمي مٌنظم يشرح للشعب أهداف المٌقاطعة والسبب فيها
-أن تكون هناك حملات داخلية مٌكثفة موازاة مع انطلاق الحملة
-أن لا تنحصر الدعاية والمهرجانات في نواكشوط بل يجب أن تشمل العواصم والمقاطعات والبلديات في الداخل
-أن تكون هناك لجان مٌكلفة رسميا من المنتدى لكل ولاية ومٌقاطعة وبلدية
-أن يتحمل الشباب دوره الريادي والفعال وأن يٌنظم جولات تجوب كل ولايات ومقاطعات الوطن ولنسميه "ماراتون المٌقاطعة"
الفٌرصة اليوم مٌواتية والشعارات التي رٌفعت وانخدع بها الشعب تبين زيفٌها وشهد الشعب أنها جعجعة لا طحين بها . وإلى مقال يٌكتب عن نسبة مٌشاركة أقل من التي في مصر أتتركم بخير وأزف التحية لشعب مصر العظيم الذي لقن العسكر درسا وأثبت له أن "السلمية أقوى من الرصاص" وأن طموحات الشعوب وتطلعاتها أكبر من أن تٌحجب بزي عسكري أيا كان ذلك الزي.