تنتظر موريتانيا السبت المقبل تنصيب الرئيس محمد ولد عبد العزيز لمأمورية ثانية حصل عليها بعد فوزه بنسبة 82 في المئة من الأصوات في انتخابات حزيران/ يونيو المنصرم المثيرة للجدل، والتي قاطعتها المعارضة الموريتانية الراديكالية.
ووجه الرئيس الموريتاني دعوات لمجموعة كبيرة من رؤساء دول العالم لحضور تنصيبه الذي ترى المعارضة أنه «بحث عن تقوية خارجية لفوز الرئيس الذي أضعفته مقاطعة المعارضين».
وتؤكد مصادر صحافية موريتانية «أن الرئيس التونسي المؤقت منصف المرزوقي سيكون الرئيس العربي الوحيد الذي سيحضر هذا التنصيب»، ناقلة عن مصادر لجنة التنظيم «اعتذار العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن المشاركة بشخصيهما في هذه الحفلة».
ولعل الأمر الأكبر الذي يشغل الرأي العام الموريتاني حاليا هو أن البلد يدخل المأمورية القادمة وهو في حالة تأزم يوجد جمرها حيا تحت رماد العطلة الرمضانية.
وكانت حالات استبشار جديدة بتقارب بين الأغلبية والمعارضة قد ظهرت في رمضان بعد أن حضر رئيس الحزب الحاكم حفلة إفطار نظمها حزب التجمع الوطني المعارض (الإخوان)، وبعد أن نسقت المعارضة والأغلبية الحاكمة في تنظيم مظاهرة مشتركة للتضامن مع أهالي غزة.
غير أن تصريحات أدلى بها محمد ولد مولود رئيس اتحاد حزب التقدم والقيادي البارز في المعارضة أمس لصيحفة «تقدمي» الموريتانية المستقلة، نسفت هذه الآمال حيث أكد ولد مولود «أن موريتانيا مقبلة على تحول مفاجئ بسبب ظهور احتقان شديد في العلاقة ما بين مكونات الشعب».
وفي قراءة للمشهد السياسي الموريتاني الحالي قال ولد مولود «إنه يشهد قطيعة تامو بين طرفي العملية السياسية»، مضيفا «أن هذه القطيعة خطيرة للغاية، وقد تنجم عنها أجواء قد يستغلها كل من له حاجة في إثارة الفتن، أو زعرعة الأوضاع». وقال «إن الرئيس ولد عبد العزيز يدرك أن نظامه مسيطر بالقوة وباستخدام سلطة الدولة، وأن الشعب قد انفض من حوله، وهذا يتمثل في شواهد محددة بينها المظاهرة التي نظمتها المعارضة لمقاطعة الإنتخابات في الرابع حزيران/ يونيو الماضي والتي شاركت فيها كل أطياف الشعب الموريتاني».
وأضاف ولد مولود «أن ولد عبد العزيز تمكن فعلا من فرض انتخابه كرئيس ولكنه انتصار في الحقيقة يتضمن الخسارة.. خسارة المستقبل، لأن قوة النظام تكمن في مشروعيته، التي يمنحها الشعب الموريتاني بثقته وتأييده له.. وهذا هو أهم أساس لقوة أي نظام».
وحول ما إذا تقدمت السلطات بعد تنصيب محمد ولد عبد العزيز بطلب للمعارضة يقايض الاعتراف بشرعية الرئيس بحل البرلمان وتنظيم انتخاباب تشريعية وبلدية جديدة، قال ولد مولود «أنا لا أرد على الفرضيات.. ولكن ولد عبد العزيز غير ملتفت للمعارضة حسب ما يبدو».
وأضاف ولد مولود « لا يمكن الخروج من الأزمة الحالية إذا لم يدرك النظام خطر موقفه، عليه هو وعلى البلد»، وقال «نظام ولد عبد العزيز هش لا يمكن أن يصمد أمام أي انفجار اجتماعي وأزمة موريتانيا تتعلق بالوحدة الوطنية، ولا يمكن لهذا النظام أن يواجه مثل هذه الأوضاع، وبالتالي فما دام يتنكر لواجبه اتجاه البلد والوطن، فلا أمل في أن يحصل أي نقاش معه».
وحول ما إذا كانت المعارضة ستؤيد أي انقلاب عسكري على ولد عبد العزيز، قال محمد ولد مولود «إن موريتانيا مقبلة على قطيعة أو انفجار أو تحول مفاجئ، بسبب ظهور احتقان شديد في العلاقة ما بين مكونات الشعب، واستشراء الخطاب العنصري والقبلي، مع غياب أي سياسة لها اهتمام بالوطن، فالبلد مكبل ومعرض لكل هذه التحديات».
وقال «نحن نعمل لتجاوز كل هذا بأقل ثمن، وبطريقة سلمية، سياسية، بعيدة من العنف.. هذا بالطبع ما نسعى إليه، لكننا لسنا الفاعل الوحيد في هذه الوضعية.. فعندما يتعرض بلد لأزمة سياسية، توازيها أزمة اقتصادية واجتماعية، وظروف إقليمية خارجية صعبة، فهذا البلد يكون معرضا لخطر كبير، هو خطر التفكك والزعزعة، وما يكتنفها من أخطار التمرد والانتفاضات والانقلابات والمجابهات العنصرية والقبلية».
وحول تعامل المعارضة مع المأمورية الرئاسية الجديدة قال ولد مولود «أن منتدى المعارضة أنهى مرحلة العملية الانتخابية ويتهيأ لتقييم المرحلة الماضية، ووضع خطته المستقبلية، التي تعتمد نضالا سياسيا ديمقراطيا، ينبني على المشروعية والتأييد الشعبي».
القدس العربي