«الكاتب المعاصر والكلمة المسؤولة» هو عنوان الندوة التي انعقدت أمس الأول في ملتقى الأدب، ضمن فاعليات معرض الشارقة للكتاب 34، شارك فيها كل من الكاتب الموريتاني الدكتور محمدو ولد أحظانا والكاتبة الإماراتية الدكتورة أسماء الكتبي، وأدارها الشاعر السوري عبد الرزاق الدرباس.
في مداخلتها ركزت الكتبي على خطورة الكلمة، وكيف يمكن أن تؤثر على الرأي العام، وتحرك الجماهير، ولذلك فمسؤولية الكاتب كبيرة تجاه القراء، فعليه أن يتحلى بالالتزام، وأن يراعي الصدق في ما يكتبه.
أضافت الكتبي أنها عندما بدأت الكتابة كان تخصصها في فرع الجيومورفولوجيا، وهو فرع من الجغرافيا ليس له صلة مباشرة بالإنسان، ومن الطبيعي أن الكاتب يعبر عن المحيط فيه وغالباً المحيط الاجتماعي، لكنها حينها كانت مهتمة بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم، فبدأت تكتب عن الإعجاز العلمي في جانب الجيومورفولوجيا، ثم بعد ذلك انتقلت إلى الكتابة في مجال السرديات التي ساعدها فيها حبها للقصص وقراءاتها المستفيضة في هذا المجال، وعندما بدأت ثورات الربيع العربي انخرطت في الكتابة في الشأن العام انطلاقاً من مسؤوليتها ككاتبة، ينبغي أن تهتم بالشأن العام لوطنها وأمتها، فكتبت سلسلة مقالات على لسان شخصية «شعدون» التي اخترعتها لتكون رمزاً تقول على لسانه ومن خلاله ما تود قوله، ثم كان اهتمامها بعد ذلك بحقوق الإنسان، وإبراز المزايا التي تتمتع بها المرأة في الإمارات على وجه الخصوص، خاصة في ما يتعلق بحرية العمل، والحرية في التعليم والتعبير، وغيرها.
ولفتت الكتبي إلى أن الغرب لا يراعي خصوصية مجتمعاتنا، ونظرته في الأغلب عن أوضاع حرية المرأة في منطقتنا سليبة، وهذا ينعكس في الإعلام الغربي الذي يقدم عنا تقارير سلبية بشكل دائم، ولذلك فقد قررت أن تتوجه إلى الكتابة باللغة الإنجليزية لمخاطبته باللغة التي يفهمها، وإقناعه بما تتمتع به المرأة من حرية في المجتمع الإماراتي.
الدكتور محمدو ولد أحظانا أشار إلى أن الوجود الجسدي أو العقلي والروحي للكاتب، لا يعنينا بتلك الدرجة، وإنما تهمنا علاقته بكلمته لأنها هي مناط العلاقة به، وأكد على أن «الكلمة المسؤولة» تفترض أن يكون الاهتمام منصباً على ما ينتجه الكاتب، وليس على سلوكه في حياته الخاصة، ويقتضي ذلك أن يلبي الكاتب في ما يكتبه خمسة مطالب هي: أن يكون خطابه مفهوماً، وأن يستوعب الواقع ويفهمه بدقة، وأن يحقق الحد الأدنى من الإتقان والجمال في ما يكتبه، وأن يضيف غير المتداول، ويستشرف الممكن، وأن يعالج بصدق هموم الإنسان في وطنه وأمته والكون، فذات الكاتب ليست شخصية بقدر ما هي جماع من تلك الدوائر الثلاثة (الوطن والأمة والعالم).
وقال ولد أحظانا إن الكلمة اليوم أصبحت مسلحة بعنف نظري ومادي، وتحمل رؤوساً حربية فتاكة، فكذبة متقنة الإنتاج والإخراج والبث قادرة اليوم على إشعال حرب أهلية، والإطاحة بمنظومة اقتصادية، وتهديد أمن دول ومناطق واسعة من العالم. لذا يصبح الوعي بأثر الكلمة وخطورتها، أول هم لمن دخل إلى محراب الكتابة. وعليه فالمسؤولية المرتقبة من الكاتب هي عقد شرف ضمني بينه وبين جمهور القراء يحتم عليه أن يكون تشخيصه للأشياء دقيقاً، وأن يكون صادقاً ومخلصاً، وأن يهتم بالإنسان في دوائره الثلاث، وأن يعتبر أن آراءه نسبية، قابلة للمراجعة. وأضاف: هذا الأداء الأمين من طرف الكاتب للكلمة، سيحقق لها صفة المسؤولية، ويحولها من كلمة مسلحة فتاكة إلى أداة قابلة للاستخدام الإنساني المسؤول والحميد.