قال مسؤول سويسري رفيع إن بلاده أصبح لها مركز مالي يتمتع بالصدارة، مستقر وموثوق به، ومعترف به دوليا، بعد أن تعاونت بشكل كامل مع منظمة التعاون والتنمية الأوروبية في القضايا المتعلقة بالتهرب الضريبي.
يأتي ذلك في ظل مخاوف متزايدة بشأن نقل الأثرياء الأجانب أموالهم من سويسرا إلى سنغافورة "ملاذ المال الآمن والمنافس القوي لبلاد السرية المصرفية"، طمأن، جاك دو فاتفيل وزير الدولة للشؤون المالية الدولية الأوساط المالية، قائلا إن سويسرا لا تعيش في عزلة ولا في اكتفاء ذاتي.
هذا هو ثاني تصريح من نوعه، خلال الشهر الجاري يتعلق بالمخاوف التي تسود الأوساط المالية السويسرية حول مستقبل المركز المالي للبلاد.
وطرح المسؤول السويسري في اجتماع أمس مع كبار المصرفيين ورجال الأعمال سؤالا حول "هل نريد أن نكون مركزا ماليا يعمل في منطقة رمادية، يتعرض للضغوط والعقوبات باستمرار؟" قبل أن يجيب بقوله إن سويسرا ليست جزيرة مفقودة في وسط المحيطات، إنها قوة اقتصادية مهمة واليقين القانوني، وقوته، وسرعة آليات تنفيذه، هي عناصر حاسمة بالنسبة للمستثمرين.
وأضاف لو كانت سويسرا تعيش في عزلة، فمن الواضح أنها ستكون أقل عرضة للضغوط الخارجية، لكن مستوى معيشتنا سيكون أدنى بكثير مما هو عليه الآن.
وأشار إلى أن بلاده فرضت شروطها للانتقال إلى التبادل الآلي للمعلومات وأن عناصر الانتقال نفسها موجودة في المستندات التي اعتمدها للتو مجلس المنظمة الأوروبية للتنمية والتعاون الاقتصادي، وأنه عندما نتحدث عن المعيار العالمي الجديد للتبادل الآلي للمعلومات، الذي اعتمدته المنظمة الأسبوع الماضي، فلابد أن نتحدث عن نجاح الدبلوماسية المالية السويسرية.
وعدد دو فاتفيل عناصر نجاح الدبلوماسية المالية السويسرية، حسب تعبيره، قائلا "لقد أردنا معيارا عالميا واحدا، يستند إلى مبدأ المعاملة بالمثل؛ يتوافق مع مبدأ التخصص، والمعلومات المرسلة لا يمكن أن تستخدم سوى لخدمة أغراض ضريبية بحتة؛ وحماية البيانات؛ وتحديد هوية المستفيدين اقتصاديا من الهياكل القانونية مثل الصناديق الاستئمانية، وهذا ما تم تحقيقه.
وفيما يتعلق بنقل أسماء آلاف المديرين التنفيذيين وأعضاء مجالس الإدارة، والمصرفيين السويسريين، والعاملين في المصارف إلى الولايات المتحدة، اعتبر دو فاتفيل، هذه المسألة أنها مهمة وحساسة لكنه شدد على أنه لا ينبغي التهويل، فعلى حد علمنا، فإنه ليس لدى الولايات المتحدة أي سبب أو نية لتقديم هؤلاء المصرفيين للملاحقة القانونية. وأضاف أن المسؤولين الأمريكيين يريدون قبل كل شيء التأكد من صحة المعلومات الخاصة بهم، كما أن العملاء الأمريكيين الذين أعلنوا عن أنفسهم لمؤسسة الضرائب الأمريكية بهدف تسوية أوضاعهم الضريبية، أو الذين تم الكشف عنهم من قبل المصارف السويسرية نفسها، قدموا الكثير من المعلومات، بما في ذلك أسماء المصرفيين والمستشارين الماليين، للحكومة الأمريكية. والكثير من الأسماء التي يتم تسليمها حاليا من قبل المصارف السويسرية، معروفة بالضرورة وبالفعل للأمريكيين.
وفي الأسبوع الماضي، وفي لقاء مماثل مع المصرفيين السويسريين، وفي قاعة رابطة المصارف السويسرية نفسها، بدد دبلوماسي سويسري سابق مخاوف تتعلق بخطورة أن تفرض سنغافورة تهديدا للمركز المالي لسويسرا، وذلك بقيام الأجانب الأثرياء نقل الأموال من سويسرا إلى سنغافورة، ملاذ المال المنافس لها.
وقال ستيفان فلويكيجير ممثل سويسرا لدى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الأوروبية، نحن وسنغافورة على حد سواء نتجه نحو الانتقال إلى مشاركة البيانات المصرفية مع الآخرين على الرغم من السرية المصرفية.
وكانت دراسة استقصائية قد توقعت أن تخلع سنغافورة سويسرا عن العرش كأعلى مركز في العالم لإدارة الصناديق الدولية بحلول عام 2015 من خلال الحملة العالمية ضد المتهربين من الضرائب التي ستضعف قوة جذب بلاد الألب للمستثمرين.
وأضاف فلويكيجير أن منظمة التعاون حريصة على ضمان تهيئة ملعب مستوٍ في محاربة التهرب الضريبي، سواء كانت المراكز المالية عضوا في المنظمة أم غير عضو، وذلك في إشارة إلى عضوية سويسرا وعدم عضوية سنغافورة.
وأشار إلى أننا كل يوم نسمع حججا تقول إن الأموال في سويسرا ستذهب إلى أماكن أخرى مثل سنغافورة، لكن سنغافورة هي أيضا جزء من المجتمع العالمي، ومن حيث المبدأ أنها تبنت الإصلاحات نفسها، وستمر بالإجراءات نفسها التي ستطبقها سويسرا.
وأشار إلى أن منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي تسعى إلى ضمان فرض المعايير العالمية المتعلقة بالشفافية والتعاون لمحاربة التهرب الضريبي على البلدان كافة، وأن كل البلدان ستعامل على قدم المساواة تماما، وهذا ما يجعلني متفائلا حول المستقبل.
ولا تزال سويسرا حتى الوقت الحاضر أكبر مركز مالي في إدارة الأموال بقوة مالية تصل إلى تريليوني دولار، غير أن سنغافورة تلحق بها بسرعة، طبقا لعدة تحليلات مالية.