أحيانا تكون الأمور تافهة مثل "قلق الأمين العام للأمم المتحدة".. وتكون عبثية ك"قلق مدرب المنتخب الوطني"... وتكون الأمور أكثر انعكاسا كحال اهتمام كوريا الشمالية بالديمقراطية.. كما تكون الجهود بلا معنى وفق ما حدث قبل ليلتين حين راح الناس يزرعون نظراتهم في السماء بحثا عن "هلال العيد".. فذلك اليوم لو خرجت لشاهدوا أجمل هلال في هذه الدنيا ولأفطروا غزلا.بالمناسبة أصدر مرسوما، بوصفي رئيسا لـ"جمهورية الشعر"، بتجريم شعر المناديل، والكؤوس، والمخدات، والطواويس، وريش النعام، لأن الشعر ليس مسؤولا عن ترتيب الحدائق العامة.. وخاصة في مثل هذه الظرفية العصيبة التي يمر بها وطننا العربي.. و"طعناته" القاتلة.. ستكون الأمور أكثر عبثية ومدعاة للشفقة عند التأمل في مجازر الدم المتنقلة بين ديار "الهلال الدموي".. من سوريا والعراق.. ثم إلى ليبيا.. إننا حقا الآن نحصد نتائج فتوى "فقيه الناتو"..في كل هذا يذبح الشقيق الشقيق ويبتسم كرغوة دمه...في العراق، المهد، الذي نشرت منه أول أبجدية في التاريخ ضفائرها لتستظل بها عقول البشرية جمعاء.. يتواصل قتل وتهجير العرب المسيحيين.. في الوقت الذي تفتح فيه الكنائس العربية أبوابها لأسر مجاهدي غزة للاحتفال بالعيد.. ولو بطريقتهم الخاصة.. عيد الشهيد.. ترأف الكناس العربية بالمسلمين العرب حبا ونخوة وإنسانية، في الوقت الذي فضلت فيه "داعش"، وأخواتها، أن تنسى غزة الدامية، لأن "الخليفة البغدادي" يضع "ختان الإناث" في صدارة اهتماماته الجهادية.. فهو من أجل ذلك "كوّن" و"موّل" و"وجّه"..في العراق يذهب لمذهب بالمذهب.. الطائفة بالأمة، والفئة بالحضارة...في ليبيا الحبيبة يشتعل كل شيء، ومن هناك سيحترق الساحل العربي برمته.. فليكن الله في عون أسود الأطلسي (المغرب والجزائر).. إن الرؤية مغبرة.. ولا قافية يمكنها أن تنشر رائحة ورد.في الوطن الممتد من الدم إلى الدم.. يجب على جمهورية الشعر أن تعلن الحرب على القبح والكراهية والبغض، ومختل العقائد والتوجهات.إن الشاعر الفذ ناجي محمد الإمام .. يكتب اليوم مستخدما سواد العين حبرا في مقالته (.. ضرب الحديد الساخن بهـــــــــدوء)، ويعطر الشعراء الشيخ ولد بلعمش، الشيخ سيدي عبد الله، والنبهاني ولد المحبوبي، الشيخ نوح، لحبيب الشيخ محمد، أحمد ولد الوالد، حسني ولد شاش، خالد عبد الودود ... والقائمة أطول.. هواء شنقيط بحب غزة... غزة الوحيدة من بين الضحايا من تمنح دمها في المعركة الصحيحة.. في خط الاستواء الجهادي، الذي لا غبار عليه.. فغزة تعرف كيف تنزف لتبقى كرامتها حية..من داخل ركام الحالة العامة يصر البعض على لغة الشتائم.. التخوين والتهوين.. لا أحد من القوم يرى الصورة الأكبر.. التغيير الاستراتيجي الذي حدث.. فـ"إسرائيل"، التي كانت تهدد بابتلاع الوطن العربي من الماء إلى الماء، يقف جيشها النووي اليوم عاجزا عن دخول شبر من أرض غزة، المقاطعة العربية الأصغر مساحة.بدلا من لغة الإحياء، التنوير، التضامن، التفاهم، التفاؤل، التآزر، التناصح... يحرص البعض على أخذ مقعده في قطار ما بعد "سايس بيكو".. لا محطة واحدة في مسيرة ذلك القطار خارج "أودية العطش".نحن من ابتكر الأبجدية فكيف نعجز عن صياغة الجملة الصحيحة.. إن الورد في سوريا والعراق وليبيا يموتُ لأن "الجحيم العربي" - لا الربيع - ضبط إيقاعاته على ضمير "ليفي".. وأخطأ كل "الثوار"، حين اعتمروا عمامة الشعر، متصورين أنهم سيفرقون كالشعراء بين "صليل" القصيدة و"نحيب" الأمعاء.. فإذا نحن في هذا "البيات الدموي"، حيث تزرع السنبلة في القنبلة.. ولكن تبقى للقصيدة وحدها أهداب.