قرب الأضاتين في ظل الغضا العَـرِم
ما بين غُضْر النَّقا و السَّرْوِ والعَنَم
كالسهم كالوَهم كالوسْمِّي كالسَّلَم
كالنار كالنور كالإعصار كالنَّسَـم
كالبرق أومَضَ في إغفاءَة الحُـلُم
كالحرف ينثال بين الحبر و القلـم
الفرع ذو حَلـَك والقَــدُّ ذو فَـلَك
و الوصلُ ذو شَرَك والثغرُ ذو شَبَم
كالعمر في سَرَب والنايِ في طربٍ
و الظل في هَرَب والبين في أَلَــم
مَـرَّتْ فسَرَّتْ و جرَّتْ غيـــر عابئة
أرْدانَ “عـِلِّيـــسَــةٍ” ترنــو إلي إرم
عُلِّـقتُـها لحظةً في العُمر شاردَةً
فوق السديم علي لطفٍ بلا سَدم
في جوف سابحة في الجوِّ ضابِحَةٍ
تَفْـرِي الأثـير بلا ساق و لا قـدم
كأنما حــُشرت في بطنها أُمَــمٌ
كيما أُعَـلَّقَها عـن سائـر الأُمَـــم
خمصانةً كسيــــوف الهند باكَرَها
بالصَّقْل ذو كَلَفٍ بالبَرْيِ ذُو هِمَـم
من يومها استمْرأتْ سُكْــنَـى جَـوانِحنا
نَسْغاً جرَى في صميم الهائم الضَّرِمِ
يا دارَها برُبَــى وَازاَنَ عِمْتِ ضُحًى
وفي المساء إذا أَمَّتْ حِماكِ عِمى
ما كنتُ أحْجو أرآم الروم تَنْزِلُها
بيضاً خَرائدَ شُقْرَ الكَشْحِ والِّلمَـمِ
تَرعَى المفاوزَ في آقان رائقة
بين البشام و بين الضَّال و الـرَّهَم
هو الوَلُوعُ رَسِيسُ الحب يكْتبُهُ
سطرا من الشعر في سفرٍمن النغم
بِـــدْعَ التَّمام من اللذات مترعةٌ
حتي الثمالة من حَسْــوٍ ومن بـَغَـــم
يا ربةَ الحـُسْن والأيامُ هالكــة
والعُمْرُ يـَقْطُرُ في قارورة العَـدَم
اقْـنـَيْ حَياءَك بنتَ الروم واعتمري
بالنور واحْسَيْ جميم السِّرِّ في الختم
أقــولُ والقـولُ منسوب لقائله
والفعل أبلغ من وَمْءٍ و من كَلِم
يا خـيبة الشعر والإبداع أجمعه
والريشــة البكر والتوشيح و الرَّقم
ما لم يهـمْ وَلهاً ولمْ يذب بدهاٌ
في حُبِّ خير الورى في البدء و الختم
أعــجوبة الخلق عين الحق بؤبؤه
فيْض السماحة سرِّ الحتْم والحَــتَـم
محمد نفحة الحظ التي انبجست
نَضــَّاخةً بزُلال العـدل و الحِكَم
محـمـدٍ ثــورة المـغبون مُعْتِقِــه
مُعْلى النفوس ببر الجار و الرحم
دوح السلام شهاب الحق فيصله
سقيا العُفاة من الأُوَّامِ والَأوَم
ذا حجة الله بالقرآن معجزةً
يمضي الزمان ويبقى حكمة الحكم
قــول قـديـــم بآيات منزلـــة
من عالم الغيب أعيتْ كل ذي وَغَم
ما آمن الجن إلا بعدما عجــــزوا
ولا الأعــاريبُ من أُدٍّ و من لَخَـم
أعيتْ طـلاوتــه بَـزَّتْ طراوته
شــلتْ بــلاغته ذا اللَّسْــن والقلم
من فتق رتق النوى للمجتبى رُتِقَتْ
والكون في ظُـلَـلٍ طوْرًا وفي ظُلَمِ
لولاه ما انتــظمـتْ مـن آدمٍ أُمَـــمٌ
ولا عَلَتْ نِـسَمٌ بالــفهم والهِمَـــم
أتى الدُّنا هَمَلاً فرادها عـمــلا
و ارتــادهــا أمَــلًا للــخائف الضَّرِمِ
أنعــــــم بها ثورة بالعــــــلم قـــــائدةً
بالوحي رائدةَ التدبير و الحكم أكرم
بهادولة بالعــــدل خالدةً
بالرأي والفكر والتعليل والهمم
فانقــــاد محتسباً ذو العَقل مُكتَسِبًا
وانهدَّ رُكنُ الغبي الخارف اللَّسِـــم
آياتها العقل والتفكير دعوتـُـــها
ذا اللُّب في الكون و الإيجاد والعدم
والوعد والخُلف والضدين إن جمعا
والقَصْرِ و القبر و الحِدْثان والقِدَم
إن كان من فَجَّرُوا الثورات قد عَتَقوا
بعضَ الشعوب فكمْ اعتقتَ من أُمَـــــم
بادَتْ مــبادئهم حادتْ مَقاصدُهم
ودين ربـك لم يهجع و لم ينـم
عنك الشرائعُ والثوراتُ قد أخذتْ
حق الأجير وحق الجار و الخدم
في شرعة الملك الديان منزلة
من الكرامة للإنسان ذي الكرم
قد يعزُب الشيء فهما عن مماثله
لكنه حلقة في عقده النظم
في كل شأن قَوام قائمٌ أبدًا
بالقسط للحي من نَبْتٍ ومن نَعَـم
منظومةٌ أُودِعَتْ سِرَّ استقامتِها
إن تنتكسْ رَكسَتْ أو تستقمْ تَقــم
تقوم بالعدل والإنصاف لو كفرتْ
تَبْقَى وإنْ ضيمَ فيها الحقُّ لم تدم
والكفرُ و الجَحدُ من تدبير اْنفسنا
والخيرُ من فطرةالمولود في القِسَم
هذي رسالة ختم الرسل مشرعة
تَهدي إلى مَهْيَع الخيرات كل عَمِ
هَـدْيٌ وَضيءٌ مُضيئ أبلج بهج
مشكاة نور على نور على علم
غَرْثَى إلى العدل والإيمان مَهلكةٌ
أرضٌ جفتْ شِرعةَ المُختار من أضم
ياسيد ي يا رسولُ ، اشفع لزلتنا
عند الحليم وثبتنا على الأَمَـــم
والحَقْ بهمتك القعساء أُمَّتنـــــا
فقدْ تداعتْ عليها سائرُ الأمـم
تَفَرَّقتْ شيعا واستَمْرَأَتْ بِدَعًا
فقُطِّعَتْ مُزَعًا كالكاسر الهَرِم
واحْمِ العروبةَ بالإيمان واحْمِ بها
راياتِك الخضر في الآجامِ والأطم
وَارْبطْ بعُروتك الوُثقَى بني وطني
واكلَأْهُمُ بوفير الأمن والنعـم
واسبغْ على أُمة الاسلام قاطبةً
من المهابة درعاً غير منثل
و اغفر لعبدك زلاَّتٍ ينوءُ بها
ظهرُ الضعيف وثَبِّتْهُ لدى القَسَـم
وانشر عليه من الستر الجميل رِدَا
وارحمْ أَوائِلَهُ يا واسعَ الكرم
وارزقهُ نيل نوال انت واهبُهُ
لا منَّةً لقريب فيه أو غُرُم
وارزقه نيل شهود الذات إنَّ به
للذات ما فيه من شوق ومن سَقَم
لولا الحياءُ و سِرُّ القوم محنتُهُمْ
لَباحَ بالمُنْتقَى من مُشْتَهَى الكلِم
واهْتَزَّ من كلِّ صوبٍ رُكنُ راسيَّةٍ
وانهال من كل غيمٍ صَيِّبُ الدِّيَّمِ
إنَّا غُلِبْنَا على صمتٍ ولو أَذنُوا
قُلْ لَوْ وَ لَوْ أَذِنُوا ماجَدَّ بي ألمي
يارَبّ إنكَ أدْرَى والبُغاةُ طغَوْا
والناسُ ما بين مكلوم ومنكلم
عاثوا فسادا بأرض الله واحتنكوا
رزقَ العباد أَلا سُحقاً لمثلهم
يارب فابعثْ عليهم حاصبًا نَزِقًا
كفعلك العدلِ في عادٍ وفي اِرَمِ
وابسطْ على كل بيتٍ مُسْلمٍ مَدَداً
من مَدِّكَ العذب يُحيي تالف الرِّمَم
يا رب في كلِّ رُكنٍ جائعٌ وَيَدٌ
ممدودة ليدٍ عَفَّتْ على العَدَم
لولا الشهامة والإيمان لأندفعتْ
كلُّ الأكُفِّ ولولا نجدة الرَّحِـمِ
لولا الحياءُ لباعتْ كل طاوية
من كشحها ما يداري لوعة القرم
يارب عجلْ بأمر منكَ آجله
يشفي النفوسَ من الَّلْأواءِ والبَرَم
يارب إنَّ بني النجارقدْ هَدَموا
ركنَ البراق و مَسْرَى الخاتم الختَم
فارزقْ لنا سبَبًا تغدو النفوسُ به
مسرورةً بفداء البيت و الحرم
والقدس والمسجد الأقصى وصخرتِه
والماءِ من غزةٍ للماء في الخيم
ما كان قصدُ قصيدي أن أَبُزَّ به
مدحَ الأُولَى مدحوا بالصوت والقلم
قد أبدعُوا حُـلَلًا و استنبطوا جُمَلًا
صارتْ لنا مثلاً في الشعر و الحكم
ولا نظمتُ أقاويلًا مؤكدةً
عن الرِّضاع ولمْ أنظمْ عن الفَطَم
ولا الأقاصيصُ عن جذع وسيدة
كانت لها عنزة درتْ بلا دسم
ولا تكلفتُ توصيفا لمُعجـــزة
ولا مفـــارقةٍ بالنـــور والظـــُّــــلم
تلكمْ مسيرَتُهُ هدْيٌ وسيرتُهُ
عطرٌ وجـــــــيرتُه حصن لمعتصم
ماذا يقول بديع الشعر عن خُلُقٍ
أَوْلَاهُ خالــــقُهُ ما شاءَ من عِظَم
قل لي أَبَعدَ جُمّاع القول ملتمسٌ
من البلاغة في نثر و في نظم
إني تَوَسَّلتُ للرحمن مُهْتَبِلاً
شهر الصيام وذكرَى الوحي والرُّحُم
أشكوُ إلى الله جَأْرَ الناس ملتمسا
شفاعة المصطفى في حالنا الجَشِمِ
صلى عليه الذي أَرْسَى شريعته
بين الحطيم وبين الحجر والحرم.