ربما تكون موريتانيا أكثر الدول العربية محافظة على الطابع العربي الأصيل في حياة الناس، وفي بقاء جزء كبير من التراث العربي المتمثل بالتعليم التقليدي والمخطوطات والشعر الغزير والغناء، حيا وفاعلا حتى اليوم، حتى يكاد يكون في كل بيت شاعر ومكتبة تراثية غنية مليئة بالمخطوطات العربية القديمة. ومازالت الأمهات والجدات يعلمن الأطفال في البيوت القرآن الكريم وألفية بن مالك وغيرها من الكتب والأسفار العلمية.
وتعرف موريتانيا لدى العرب تاريخيا بـ”شنقيط”، التي هي أهم مدنها التاريخية والعلمية، مثلما كانت تعرف المغرب بـ”مراكش”. ويطلق على الموريتانيين المهاجرين إلى الشرق “شنقيطي”، ومنهم الشيخ الشنقيطي رحمه الله، الذي هاجر إلى الأردن في مرحلة مبكرة من تأسيس الدولة الأردنية، وعمل فيها قاضيا للقضاة ووزيرا للمعارف.
وكتب عنها محي الدين صابر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم: “كانت صورة الشناقطة وما تزال في البلاد العربية أنهم الممثلون الأوفياء للثقافة العربية الإسلامية في نقائها وأصالتها، وأنهم سدنتها في قاصية بلاد العرب والمسلمين، المرابطون في ثغورها حفاظا عليها ونشرا لها وإشعاعا بها”.. هو الشعب الموريتاني. ولكن ليس مفهوما بعد لماذا يظل هذا البلد الواسع، والممتد في الصحراء وعلى ساحل الأطلسي، والذي يمتلك فرصا واسعة للتنمية والتقدم، لماذا يظل حتى اليوم فقيرا؟
إذ تبلغ مساحته أكثر من مليون كيلو متر مربع، ولا يزيد عدد سكانه على الثلاثة ملايين، ويمكن أن يقدم له المحيط والصحراء والموارد المتاحة مصدرا للغذاء والمعادن والزراعة، لكن يبدو أن موريتانيا مقدمة على حقبة نفطية؟ كانت موريتانيا، مثل سواها من البلدان المجاورة، موطنا للقبائل والحضارات منذ فجر التاريخ إلى أن دخلت في العروبة والإسلام على يد موجات الفتوح والتجارة والتفاعل والصراع، فكانت مركزا للمرابطين والصنهاجيين. وازدهرت في القرن الحادي عشر الميلادي مدينة شنقيط، باعتبارها مركزا تجاريا وعلميا وسياسيا.
ثم بدأت القبائل العربية تهاجر إليها وتستقر فيها، وتحولت إلى بلد عربي لغة وثقافة وانتماء. وفي العام 1920 خضعت للاستعمار الفرنسي إلى أن استقلت في العام 1961، وانضمت إلى جامعة الدول العربية العام 1973.
وكانت المغرب تعتبرها جزءا منها، ورفضت الاعتراف باستقلالها، لكنها اعترفت بها فيما بعد. وظلت علاقتها بالمغرب مشوبة بالتوتر بسبب النزاع على إقليم الصحراء المغربية. وقد حصلت موريتانيا العام 1976 على جزء من الصحراء، ودخلت في صراع مع منظمة البوليساريو التي تطالب بالاستقلال. نقلا عن صفحة الزميلة خدية بن قنا على الفيسبوك