في تدخل "قطر الخيْرِيّة"../ الوزير محمد فال بلال

اثنين, 2016-12-19 14:41

إنّ المجمّع الذي تنوي "قطر الخيريّة" بناءه في بلديّة جونابة يُعَدُّ إنجازا مهمّا للغاية، وعلينا جميعا أنْ نرحّب به ونشيد. أمّا عن النقاش الدّائر حول دور هذا وذاك في استجلاب المشروع إلى المنطقة، فإنه نقاش صبياني مُفتعَل مردّهُ "السياسة"، و "التّسيُّس" و"التسْيِيس "، ومحبّة "أنْ يُقال" أو "لا يُقال"، وإطلاق العنان للخيال،،، وإلاّ، فالأمر واضحٌ وبسيط، بحسب ما عندي من معلومات على الأقل؛ والمجالُ ليس مجال موالاة ولا معارضة ولا تحليلات،

1- يدخل مجمع جونابه في نطاق برنامج تقوم به إذاعة القرآن الكريم في الدوحة لتعزيز وتنمية ثقافة التطوع لدى مختلف مكونات المجتمع القطري وتشجيع مبادرات التوعية في مجال العمل الانساني ومساعدة الفقراء والمحتاجين في جميع أنحاء العالم، و استثمار روح المبادرة لدى طلبة الجامعات القطرية من خلال التنافس في دعم العمل الإنساني والنشاط التطوعي.

2- وفي هذا النطاق، ابْتَكرَت إذاعة القرآن الكريم برنامجا إذاعيا بعنوان "المتنافسون" يشارك فيه طلاب مختلف الكليات في جامعة قطر وفي المدينة التعليمية للترويج لمشاريع إنسانية وجمع التبرعات لها من خلال الرّاديو،،، بالاعتماد على خبرة وتجربة طواقم ومكاتب مؤسسة "قطر الخيريّة" المتخصصة في هذا المجال،

3- أنهى برنامج المتنافسون الاذاعي جولته الأولى في يوم 11 من الشهر الجاري بفوز فريق "المدينة التعليمية" الذي أنجز مشروعا تنمويّا في "مثلث الفقر" بدولة اندينوسيا بعد منافسة قويّة مع مشروع جونابه في موريتانيا برعاية فريق "جامعة قطر". وقد تم الإعلان عن الجولة الثانية من برنامج "المتنافسون" الاذاعي في الأسبوع الماضي بين فريق "كلية المجتمع" وفريق "كلية شمال الاطلسي" لمدة شهرين.

4- وقد أتيح للفرق المشاركة فرصة زيارة المشاريع الإنسانية ميدانيا، حيث قام فريق "جامعة قطر" بزيارة إلى موريتانيا وتبنّى تمويل مركز متعدد الخدمات في وسط موريتانيا، حيث تبلغ قيمة المشروع الإجمالية 1.100.000 ريال ويشتمل على مدرسة ومستوصف وبئر ارتوازي ويستفيد منه حوالي 25 ألف شخص. كما قام فريق "المدينة التعليمية" بزيارة إلى إندونيسيا، وتبنّى تمويل مشروع خيري متعدد الخدمات بتكلفة تبلغ 2.300.000 ريال، ستنعكس خدماته إيجابيا على السكان، وسيُساهِم في تنمية المنطقة، وخلق مناخ علمي وصحي وبيئي فيها.

5- يتّضِحُ من هذه المعلومات أنّ المسؤول الأول عن جرّ القطريين إلى هذه المنطقة هو "الفقر" ولا شيء غير "الفقر". نحن أمام مؤسسة خيرية بيدها مبالغ من المال تبرّع بها متطوعون و محسنون لمساعدة فقراء ومحتاجين عبر العالم بعد نداءات وطلبات وحملات دعائيّة وترويجيّة في إطار منافسة بين طلاب الجامعات القطرية في إذاعة القرآن الكريم. و ما حصل من مال مُهدى للفقراء، وضعَتْهُ الإذاعة تحت تصرف "قطر الخيريّة" التي طلبت بدورها من مكتبها في موريتانيا ورئيسه الأستاذ إدريس الساهل تقديم تقارير واقتراحات تُحدّدُ المكان المناسب للمشروع في منطقة معروفة لدى "قطر الخيرية" منذ سنوات عديدة باسم "مثلث الفقر". هكذا، جاء اختيار بلدية جونابه... وهكذا، سارت الأمور.

6- لا علم لي بأحد منّا أعدّ ملفّاً وأتقن دراساته من حيث الجدوائية والمواصفات التقنية والانسانية والمالية، وسافر به لمناقشته مع القطريين، وأقْنَعَهم بتبنّيه، وعاد حاملا معه "الإنجاز". ولا علم لي بأحد منّا يمتلك من العلاقات والارتباطات والتأثير المعنوي والمادّي في الدوائر القطرية ما يمكّنُهُ من توجيه مشروع بهذا الحجم إلينا دون الحاجة حتّى إلى مقابلة من بيدهم القرار! ولا علم لي بجهة رسميّة في الحكومة والإدارة على أي مستوى من المستويات تدخلت في الموضوع؛ ولذلك كان غياب الكل عن الاجتماع أمرا عاديّا... وحدهُ العمدة حضر للدلالة على أنّ العمل عمل "مدني" تماما، أو "أهلي" كما يقول القطريّون

. 7- وفي كلّ الأحوال، أذكّرُ بأنّ للدولة الموريتانيّة نصوصا وقوانين تُنظم قطاع الصحة بحسب معايير تراعي "الجيغرافيا" من باب الكثافة السكانية، وخرائط الأمراض، والطرقات،،، وعلى أساس المعايير المعتمدة لدى الوزارة، يتحدّد طبيعة ومستوى الهيئة الطبيّة: وحدة صحية قاعدية (USB)، مستوصف (B)، مستوصف (A)، مستشفى فئة (B)، مستشفى فئة (A)،،، و في الغالب، تكون الهيكلة الصحيّة في حالة تناغم مع الهيْكلة الإداريّة... ولهذه الأسباب الإدارية والقانونيّة الوجيهة، لم يسمح للمتبرعين القطريين ببناء مستشفى في بجنجل، وفُرِض عليهم التقيّد بحجم مستوصف من درجة "B". و في الختام، هنيئا لعمدة جونابه وأهالينا هناك، وشكرا لطلاب جامعة قطر والمتبرعين الذين أجابوا دعواتهم، والشكر والتهنئة معاً للأستاذ إدريس الساهل المحترم، مدير مكتب "قطر الخيريّة" في موريتانيا حفظه الله وطواقمه الفنية، الذي لولا فضل الله سبحانه وتعالى، ثم جهودهم المتواصلة لما تحقق لنا هذا الإنجاز قطعاً!