إندونيسيا: دولة قمة في الجمال والغرابة والتميّز

-A A +A
اثنين, 2014-08-04 15:27

تمتد إندونيسيا بعرضها على الخط الاستوائيّ لتتمتع بمناخ مداريّ يتألف من موسمين رئيسيين: الجاف والرطب. نحن ننصحكم بزيارة إندونيسيا في الموسم الجاف كي تتفادوا أياما وأسابيع كاملة من الأمطار والفيضانات. ومع ذلك، تظل إندونيسيا تحفة رائعة في جميع الفصول والمواسم، بجزرها التي تزيد عن 17000 جزيرة، منها قرابة 6000 جزيرة مأهولة.

الطعام في إندونيسيا طافح بالنكهات والبهارات والألوان. لا يمكنكم أن تشعروا بالملل للحظة وأنتم تكتشفون مآكل هذا البلد الكبير والضخم، حيث يزيد عد سكانه عن 250000000 مليون نسمة، أكثر من 80% منهم من المسلمين. ورغم هذه التوزيعة الدينية الواضحة، إلا أنّ إندونيسيا تضمن التعددية الدينية وحرية المعتقد وفيها ست ديانات رسمية.

مع هذا العدد الهائل من الجزر تتحول العناصر البحرية الترفيهية إلى جزء أساسي من السياحة فيها، حيث الغوص والتزلج وارتياد الشواطئ المذهلة في الجزر الصغيرة المتناثرة في كل مكان. كيف يمكن للإنسان أن يزور كل هذه الجزر، الكبيرة والصغيرة، وأن لا يرغب بتمديد إقامته مرة بعد أخرى؟

لقد مرت إندونيسيا في السنوات الأخيرة بإصلاحات سياسية وديمقراطية وإعلامية، وهي تتحول مع الوقت إلى دولة متطورة اقتصاديًا مع ازدياد وتحسن في البنى التحتية في الإعلام والمواصلات والاتصالات، خصوصًا في المواصلات الداخلية بين أرجاء الدولة المترامية: من سومطرة مرورًا بجاوا وبالي وكالمنتان وباباو.

لا يمكن أن يبالغ المرء بوصف جمال هذه الدولة الاستوائية الطافحة بالغابات والمناطق الخضراء والجبلية، بموازاة البحر وغناه اللانهائيّ. لا تنسوا قبعاتكم وقناني المياه الجيدة والتطعيمات الضرورية- فإندونيسيا تخبئ لكم كل مفاجآت الشرق الأدنى..

لا تبدو أندونيسيا خارج السمات السكانية للشعوب الآسيوية، فتتشابه في ملامحها البشرية مع عدد من الدول الآسيوية حتى تبدو كأنها في وسط المسافة بين الصين والهند، ليس جغرافيا فحسب، بل بالنسبة أيضا للإنسان العادي، وهو يشق طريقه في يوميات مرهقة، وحياة بسيطة، والحديث عن الأغلبية، الطبقة الدنيا، حيث إن الطبقة الوسطى تتآكل في ظل اقتصاد السوق، وتمركز الثروات في أيدي نخبة اقتصادية، وأغلبها محسوبة على المجتمع السياسي بالضرورة.. فالسلطة تصنع الثروة، وكذلك فإن الثروة تأتي بالسلطة أيضا.

 

وفي المجتمعات الفقيرة فإن التكاثر يصبح سمة غالبة مع غياب ثقافة تحديد النسل، والأهم ارتفاع عدد النساء بالنسبة لعدد الرجال حيث أشار أحدهم إلى معلومة (لم أجد ما يؤكدها بل أن المعلومات تشير إلى مساواة بين الجنسين عدديا)..تقول معلومته: (التي تعكس استنتاجه) أن هناك 14 امرأة لكل رجل في هذه البلاد، ولذلك فإن الزواج من مثنى وثلاث ورباع، إضافة إلى وجود (مزواجيين) من دول الخليج يأتون للاقتران بما أمكنهم من هذه الكثافة (النسائية).. كل ذلك يمنح زيادات واسعة في عدد السكان، كون أن الخليجيين أيضا يتركون أبناءهم فيها، ويتنقل بعضهم (كما عرفت) من امرأة إلى أخرى، مسببا الكثير من الآلام للأمهات وهن يواجهن مصاعب جمة في الحصول على الزوج.. الرحّال.

 

 

وغالبا فان المرأة الأندونيسية هي التي تسافر للعمل بينما يمكث الرجل من أجل الأسرة خاصة أنه (ربما) لديه امرأة أخرى تبقى معه.. أو معها.

 

وفي هذا الأرخبيل الآسيوي المترامي الأطراف يشجع الفقر على الاستغلال، من الراغبين في الزواج، أو في عاملات منازل، بما يشبه المتاجرة، فمكتب لخدمات العمال يطلب ما يقارب الألف ريال للحصول على عاملة منزل عن طريقه، حيث ألزمت الحكومة الأندونيسية رعاياها بالسفر للعمل خارجها عبر هذه المكاتب، كما تقوم النساء الراغبات في العمل بدول الجذب (النفطية) دفع مبالغ أيضا، وتبقى المرأة بين مطرقة الحاجة وسندان سداد ما اقترضته للسفر إلى تلك البلاد التي يقال هنا أن النقود فيها لا حصر لها، لكن الواقع مؤلم أحيانا، والبدائل متاحة.

 

وفي مناطق الجذب العربية تجد بعض المناطق اصطبغت بلون خليجي، حتى أنهم يعّفون تلك هذه البقالة أو تلك بأنها عربية، وليست أندونيسية، وذلك يشير إلى وجود متطلبات السائح الخليجي في ذلك (السوبر ماركت) بدءا من الأرز الباسمتي وليس انتهاء بحليب بوني وأبو قوس، مع طاولة جانبية لصرف العملة، وترتيب الرحلات، فردية وعائلية، وتأجير المنازل والفلل، وجميع ذلك باللغة العربية.

ولا تبدو أطفال الشوارع ظاهرة في المجتمع الأندونيسي رغم كثافة السكان، خاصة في جاكرتا، العاصمة، التي تبدو كمدينة معاصرة، فيما يظهر بضع أطفال في الأماكن السياحية التي يرتادها العرب (الخليجيون بالطبع) ويقوم الطفل بتأدية بعض الأناشيد الدينية طالبا ما يسمى بالهدية، بشكل مهذب ولطيف، وبكلمة واحدة يتراجع عن إلحاحه البسيط، ومن بعيد تبدو الملامح العربية (رغم تقاربها الآسيوي) واضحة لمن يريد الفوز بصفقة شراء محترمة، فالمطاعم العربية (خاصة اليمنية) وهي تقدم المندي والكبسة غالية (مقارنة بأسعار البلد) لكن ذبيحة واحدة أرخص من وجبة عائلية لخمسة أشخاص، ولا يهم التعليق على اللافتات باللغة العربية وهي تتعامل مع قرائها تدعوهم لشراء خروف أو تيس!.