كلمة رئيس مهرجان بوتلميت الثقافي .. الدكتور الشيخ ولد سيدي عبد الله

-A A +A
ثلاثاء, 2017-01-31 20:20

تم مساء اليوم الثلاثاء في فندق إيمان بالعاصمة انواكشوط الاعلان عن تأسيس "جمعية بوتلميت للثقافة والتراث".

و تهدف الجمعية الثقافية الغير سياسية إلى تثمين وإحياء التراث الثقافي والعلمي لمدينة بوتلميت حسب البيان السياسي الذي تلاه رئيس الجمعية محمد (بكين) ولد المبروك.

و فيما يلي كلمة رئيس مهرجان بوتلميت الثقافي في حفل الافتتاح الزميل الدكتور الشيخ ولد سيدي عبد الله .

بوتلميت ، تاريخ من العطاء الصاخب في أتون الهمس .. و أي همس ؟ همس القوافي الدامعة على أديم ميمونة السعدى .. همس الحروف السمراء حين تمارس هواية التشكل على صفحات العقل و الروح و الابداع .

بوتلميت ..

في الوسط رئيس الجمعية محمد (أبكين) ولد المبروك

وتنهمر ذكريات الشروق على صفحة الرمل البرتقالية ، كان يا ما كان .. مدينة من بقايا عبقر فيها يغمد الضليل سيفه و يطلق العنان لبوح من العشق و الالم و الامل .. فيها تكتب القصيدة نفسها و تمنح العالم كينونة الحب و السلام ... مدينة فاضلة فيها يصالح الشعراء افلاطون .. و العلماء ابن رشد .. فيها يمارس ابن حزم رقصته الأثيرة و هو مغلس نحو المسجد أو الفلاة حيث التحلي و التجلي .. حيث السِّوى .. مدينة الدراويش و هم يترنمون في جلابيبهم الداكنة بحب الله .. و أهل الله ... بوتلميت – يا سادتي – مزيج من الصخب و الصمت ... فالذين منحهم الله سر قراءة حديث الضخر و الرمل .. لا شك أنهم توقفوا يوما و هم يكفكفون دموع الندم حين خاطبتهم بوابة المعهد أن الكسعي مات ندما حين لات ساعة مندم ..

جانب من الحضور

لا شك أنهم أطرقوا خجلا و هم يلمحون بين سطور المخطوطات نظرات عتاب يرسلها الأجداد شهبا حانية تضيئ زمن الاحفاد و الجحود .. الذين يجيدون قراءة الرمل لا شك أنهم شعروا يوما بوخر برودة الحصا ، و استمعوا في هدوء إليه و هو يروي في اعتزاز كم من عالم أو شاعر أو طالب أو مفكر أو ولي صالح عانقه و لثمه مخلدا معه قصة عشق خالدة ..

والذين لهم مع الكلمة حساب لا شك أنهم يذكرون كيف قطعت عروة محمد عبده و الافغاني البلاد و البحار لتلقي التحية على أهل بوتلميت في ضحوة يوم مسروق من خزانة البعد و النسيان.. يتذكرون كيف ألهمت تلة المدينة سليم زبال عنوان تحقيقه لمجلة العربي في الستينات .. ألهمته القول بأن من المنتبذ القصي يتنفس البشر و الشجر و في بوتلميت بدأت حكاية المليون شاعر ...

يتذكرون كيف ابتسمت بوابة معهد المدينة و بَشَّ ساكنتها في وجه الحالمين بغد أفضل .. صناع موريتانيا الحديثة .. الجيل الذي صارع المستحيل لنكون شيئا مذكورا ... جيل يممها من مختلف جهات الوطن و هو يردد مع إشراقة كل يوم و تنهيدة كل أصيل سيمفونية الأرض و لحن الثورة و الخلود..

بوتلميت : ليست أسطورة من وحي الكوميديا الالهية و لا رسالة الغفران ...

ليست عجائبية كآتلنتيس أو برمودا ، هي موريتانيا بكل جهاتها و أعراقها و ثقافاتها .. هي حكاية و عزف منفرد و منسجم عندما يصيب النشاز أوتار زرياب أو الموصلي. نريدها مشعلا يضيئ لجيل اليوم طريق الخلاص.. طريق الوطن المأمول .. نريدها أن تحول الناحجين إلى طيور فينيق تنفض من رمادها كلما احترقت ..

أيها الاحبة : سنمنح بوتمليت مناديل عطر تكفكف دموع الحزن ..

و تختزن دموع الفرح لأيام الغزل و مناجاة الحبور .. سنجعل من مهرجان بوتلميت صومعة و مسلّة تتسلقها الأجيال القادمة لتطل من خلالها على تاريخ من المجد و الفتوة و العطاء .. ه

و في النهاية ميثاق ميلاد المدينة و صمام بقائها .. لا أريد أن تكون هذه الكلمة عزفا لسمفونية من القلق و الضياع .. و لا تعبيرا عن مازوشية مفرطة .. هي – يا سادتي – محاولة لتلمس الطريق المعتم نحو ( المدينة الحلم ) .. المدينة التي تضع تمثالها من الثلج و النار و العقل و الجنون .

أيها الاحبة :

أيها الساهمون في جمال الكلمات .. لنتعاهد على أن يظل الوطن سامقا و أن نودع الثريا حكايا الوله الموزون ... نتعاهد على أن نحلي قرص الشمس و جيدها بتعويذة السحر و السكر و الانتشاء .

هذه هي رسالة بو تلميت ... و هذا هو ميثاقها الخالد...

أيها الاحبة :

ما الضير أن يكون لسان حالنا للوطن و لبوتلميت :

لعمرك ما ترتاب ميمونة السعـدى= بأنا تركنا السعي في أمرها عمـدا

حبسنا عليها وهي جـدب سوامنـا = فما صدنا السعدان عنها ولا صـدا

ويظعن عنها الناس حال إنتجاعهم = ولم ننتجع برقا يلـوح ولا رعـدا

وإذ غدرت فأنفض من كان حولها = وفينا فلم نغدر ولم نخلف الوعـدا

فجئنا لهـا حتـى ضربنـا قبابنـا = على نجدها الميمون أكرم به نجدا

ومرجـعَ سانيهـا جعلنـا مخيمـا = لئلا نصون الشيب عنها ولا المردا

نظل وقوفا صائمين علـى الظمـا = نخال سموم القيظ في جنبها بـردا

وتُذري علينا الرامسـات غبارهـا = فننشقه من حـب إصلاحهـا وردا

ويشرب كل الناس صفو مياههـم = ونشرب منها الطين نحسبه شهـدا

غدا نكتب صفحة جديدة من تاريخ المدينة .. فلنحرص جميعا على أن لا تسكت شهر زاد .. حتى لا تتوقف الحكاية ... حتى لا تنتهي الحياة.. فلنعش طويلا و لنلتق دائما

السلام عليكم و رحمة الله

تصفح أيضا ...