لم يترجل مولاي، فهو من الصنف الذي لا يترجل، لمستواه العلمي ولحسه الوطني المرهف، ولدماثة خلقه واستعداده الدائم لخدمة الوطن من أي موقع ، مولاي وليسمح لي أن أخاطبه الآن دون كلفة وبدون ألقاب لأنه صديق عزيز عرفته طالبا مميزا في شعبة الرياضيات بثانوية انواكشوط محاطا بمجموعة اصدقاء مشتركين مميزين
(سيدي محمد ولد سيدي أعمر – يوسف ولد عبد الفتاح – عبد الله ولد محمد المختار ولد أباه – محمد السالك ولد بياه – أحمد ولد طفي – والمرحوم محمد ولد الشيباني)، وشهدت وإياه اعلان نتائج الباكلوريا 1976 حين اجتازها بتقدير جيد وتابعت نجاحاته المتصاعدة في مدرسة المحمدية للمهندسين بالمغرب، ومراحل تحصيله العلمي العليا ببلجيكا التي توجت بدكتوراه في كيميا التعددين.. وطبعا تابعت مساره الاجتماعي وجهوده الموفقة لتكوين أسرة خاصة ناجحة.
اشهد للرجل والشهادة لله بالكثير من الاستقامة والذكاء والأريحية والنزاهة الفكرية وسلامة القلب وحلاوة المعشر والبساطة والجدية والصبر، فقد كان من النوع الذي يكتسحك كصديق وينتزع احترامك بشكل عجيب.
طبعا قد تختلف معه في الرأي بصعوبة لأنه مقل من الإفصاح عن آرائه على الأقل في حقبة تعايشنا المباشر، فقد خلته لبعض الوقت قوميا ناصريا ثم تبين لاحقا أنه يحسب على البعثيين ثم استقر به المقام عروبيا موريتانيا فوق النزعات.
عمل الدكتور مولاي في المجتمع المدني الخيري لبعض الوقت وأسدى خدمات جزيلة لقرى وأشخاص وأحياء منسبة لسنوات طويلة وولج الدبلوماسية التي فطره الله عليها ثم أصبح رئيس وزراء وأنجز أطول مأمورية ينجزها مسؤول موريتاني على هذا المستوى.
تقييمي أن اداءه كان مميزا وأن كل اعماله كانت في كفة الخير وكانت أعمالا تنفع الناس وتمكث في الأرض.
في فترة الوزارة الأولي المنصرمة حالت بيننا شكليا مسافات واسعة فهو "واصل" ومن سدنة المعبد وأنا عابر صحراء منها خلقت وفيها ولدت وإليها أعود ومنها أُخرج إن شاء الله مؤمنا مسلما بقدري آملا اللطف والرحمة.. أقول حالت بيننا شكليا مسافات لأن قلبي ظل عامرا بالود والتقدير لصديق لا ينسي.. لصديق لم يكن يوما قبليا رغم عراقة انتمائه القبلي وعظمة قبيلته الذائعة الصيت علما وأدبا وحلما وكرما وشجاعة وعزما وحزما، قبيلة يفخر أي موريتاني وأي عربي وأي مسلم بمجرد الانتماء إليها.
مولاي شخص وفي الوفاء شيمته حين لقيته أخيرا في لقاء عابر مع رئيس وفد الجامعة العربية لمراقبة الانتخابات الأخيرة لم يفته رغم مشاغله الجمة أن يقدمني لمن أرافق كزميل دراسة وكصديق عزيز يلتقيه بعد فراق طويل وكأنه يعاتبني ويشاركني فعلا لوعة الفراق.. لكن ضيفنا المصري قطع لحظة التواصل ممازحا بأن صديق الواصلين واصل لا محالة..!!
لا أستطيع أن استرسل فالحديث عن خاصة الأصدقاء ذو شجون.. وأختتم كما بدأت بأن الدكتور مولاي ولد محمد الأغظف لم ولن يترجل فما يزال في جعبته الكثير مما يقدمه لبلاده.