هل انتقلت المعارضة إلى المواجهة الافتراضية؟

-A A +A
ثلاثاء, 2020-07-07 11:07

خاص / موريتانيا اليوم : لم تعرف القوى السياسية المعارضة في موريتانيا حضورا في المشهد الوطني أقوى من حراكها الدؤوب واحتجاجاتها القوية عبر المنابر الإعلامية والمنصات السياسية وساحات الاحتجاج طيلة عشرية الرئيس السابق محمد ولد عبد العزبز؛ على الرغم من القمع والتنكيل الذين واجهها بها نظام هذا الأخير.

 

وبينما ظل هذا الأخير متمسكا بنهج الإلغاء ولإقصاء تجاه قوى المعارضة ويضرب عرض الحائط بكل مطالبها ومساعيها المستمرة من أجل حلحلة تلك الوضعية من خلال الحوار السياسي الجاد والبحث عن صيغة ديمقراطية تفشي لتطبيع الوضع السياسي في البلد وتهدئة المناخ العام، كانت الرفض والتعنت  في المواجهة والقمع والإقصاء السمة الغالبة في تعاطي ولد عبد العزيز مع هذا التوجه.

عند انقضاء العدة الرئاسية الثانية والأخيرة للرئيس السابق وترشح الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني بادرت بعض تلك القوى السياسية إلى إعلان دعمها له وانخرطت في حملته كما فعل حزب "عادل" وكتلة معتبرة من قيادات حزب تكتل القوى الديمقراطية، وقيادات تاريخية في حزب "تواصل"، بينما انقسمت باقي مكونات المعارضة بين داعمة للمرشح المستقل سيدي محمد ولد بوبكر، ورئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود، ورئيس حزب الحركة من أجل إعادة تأسيس كان حاميدو بابا.

انقسام شكل، من وجهة نظر معظم المراقبين والمحللين، منعطفا حاسما في مسار المعارضة الموريتانية التي لم تشهد هذا المستوى من التشرذم والتشتت، وكان بأسلوب الرئيس الجديد للبلاد أثره البالغ في القضاء على أي وجود فعلي ومؤثر لقوى المعارضة الوطنية داخل المشهد السياسي، إذ اعتبر قادة تلك المعارضة أن مجرد استقبالهم في القصر الجمهوري ودعوتهم رسميا لتظاهرات ثقافية يشرف عليها رئيس الجمهورية بمثابة فتح مبين وتحول سياسي غير مسبوق.

وعلى الرغم من أن النهج الجديد في تعاطي السلطة من الفرقاء في المشهد السياسي لم يتجاوز تلك المظاهر البروتوكولية ومشاورات موسعة عشية إعلان "الحرب" على فيروس "كورونا"، إلا أنها كانت كافية، فيما يبدو، لإسكات المعارضة وشل نشاطها السياسي.

وضعية من أبرز سماتها الانقسام المتزايد داخل صفوف أهم أحزاب المعارضة الوطنية من ابرزها حزبزعيم  المعارضة السابق أحمد ولد داداه الذي شهد حزبه مؤخرا انسحاب العديد من رفاقه ومساعديه البارزبن، بينما انقسمت قيادة حزب اتحاد قوى التقدم بين فريق يقوده رئيس الحزب محمد ولد مولود وآخر يضم السياسي اليساري المخضرم محمد المصطفى ولد بدر الدين شفاه الله وآخرين..

أما حزب "تواصل"، وهو أكبر أحزاب المعارضة اليوم من حيث مستوى تمثيله في البرلمان، فكان مسرحا لمواجهة من نوع آخر بين رئيسه المؤسس محمد جميل ولد منصور ورئيسه الحالي محمد محمود ولد السييدي على خلفية مواقف وتصريحات لولد منصور تم تأجيجها على أنها "خروج" على خيارات الحزب المعلنة والقائمة على معارضة وانتقاد نظام الرئيس ولد الشيخ الغزواني.

وقد اندلعت معركة إعلامية شرسة بين نشطاء "تواصل" الغاضبين من مواقف ولد منصور وبين نشطاء من الموالاة يدافعون عن توجهات هذا الأخير ويعتبرونها تمهيدا لإعلانه اللحاق بمعسكر السلطة والأغلبية.

معركة شكلت شبكة التواصل الاجتماعي ميدانها الوحيد، بعدما تحولت الساحة الافتراضية إلى ميدان التجاذب والصراع الأبدي بين السلطة والمعارضة؛ إذ باتت مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة المنبر الوحيد الذي تتكلم من خلاله المعارضة على مناضليها وأنصارها وعلى الرأي العام عموما، ومنه تعلن مواقفها وترد على خصومها ، مما لا يعطي حد أدنى من الجدية والمصداقية على ما يصدر عبر تلك المنابر الافتراضية.