محمد فال ولد بلاَّل يدعو لإنتشال تاريخ موريتانيا السياسي

أحد, 2021-01-17 09:11

 اعتبر السياسي الموريتاني المخضرم والدبلوماسي البارز محمد فال ولد بلاَّل أن بقاء تايخ موريتانيا السياسي مهدد بالنسيان والاندثار نهائيا ما لم يتم الإسراع إلى تدوينه وحفظه مكتوبا قبل رحيل آخر من يحملون مراحله في ذاكرتهم وصدورهم.

وأوضح ولد بلاَّل، في منشور على صفحته بموقع "فيسبوك"، أن شخصيات وطنية كانت شاهدة على جزء كبير ومحوري من التاريخ السياسي للبلد قد غادرت هذه الدنيا الفانية ودفنت معها تلك الكنوز التاريخية الثمينة؛ مستحضرا مثال الوزير والسياسي والمفكر البارز محمد يحظيه ولد ابريد الليل الذي توفي مؤخرا؛ ومستشهدا بحديث المؤرخ والباحث السينغالي الشهير أمادو هامباتي في مقولته الشهيرة: ”إن موت شيخ إفريقي يعني احتراق مكتبة بأكملها".

نص المنشور:

"على ذكر برنامج التلفزة الموريتانية "على هامش التاريخ" الذي كان مقررا مع المرحوم يحظيه تغمده الله بواسع رحمته..أحاول هنا ترجمة تقريبية لخطاب الكاتب والأستاذ الجليل "أمادو هامباتي با" (في الصورة) أمام اليونسكو عام 1962. ‏Un vieillard qui meurt, c’est une bibliothèque qui brûle! عندما يرحل رجل مُسن.. فكأنما تحترق مكتبة! تُنسب هذه الجملة إلى الأستاذ "أمدو هانباتي با " (Amadou Hampâté Bâ) في خطابه أمام اليونسكو عام 1962.

وهي رسالة إلى العالم مفادها أن إفريقيا تمتلك ثروات ومعالم شاهدة على ماضيها المجيد مختلفة عن الآثار الصلبة التي يفتخر بها الغرب.

ويقارن الأستاذ "هانباتي با" بين مفهوم الحفاظ على التراث المعرفي في موطنه الأصلي بإفريقيا وبين الحفاظ عليه في الغرب، مبينًا أن الغرب يعتمد على الكتب؛ في حين تعتمد إفريقيا على الذاكرة. ومن هنا، برزت المقارنة بين الرجل الأفريقي العجوز وبين "المكتبة".

وجاء في خطاب الأستاذ "با": "أفكر في هذه الإنسانية الأمية؛ لا في حفظ وإنقاذ أرشيف وكتب مهددة بالضياع؛ وإنما أفكر في حفظ وإنقاذ رجال عظماء يتهددهم الموت، هم مستودع المعارف عندنا ومخازن العلوم.

أيامهم في تراجع دائم، وخلافتهم لم تكن مُعدّة في كل مكان بشكل جيّد. إن علومنا في السوسيولوجيا والتاريخ والجغرافيا والطب والصيد والزراعة والأرصاد الجوية.. كلها محفوظة في ذاكرة الرجال؛ والرجال معرضون للموت..

وعندما يموت رجل واحد من كبار السن فكأنما تحترق مكتبة! ويمكن لليونسكو الآن سد الفجوة ببعض الدراهم، ولكنها في غضون عقود قليلة لن تستطيع هي وجميع معاهد ومؤسسات العالم سد ما سيكون من ثغرة ثقافية أبديّة بسبب الإهمال حتى ولو جاءت بما في الأرض جميعا من ذهب وفضة. لهذه الأسباب، سيدي الرئيس، باسم بلدي - جمهورية مالي- وباسم "العِلم" الذي أنت ممثل بارز ومدافع شجاع عنه، أطلب اعتبار حماية التقاليد الشفوية حاجة عالمية ملحة..

أبصم بالعشرة على ما تفضل به المفكر "هامباتي با" عن ضرورة إنقاذ "الشفهية" الثقافية الأفريقية وخاصة "الفلانية"، وألفت عناية الجهات المختصة إلى ضرورة إنقاذ تاريخ السياسة الموريتانية من "طي الكتمان" في صدور الرجال".