طالبان تعلن انتهاء الحرب وتستعد للإعلان عن الحكومة

-A A +A
ثلاثاء, 2021-09-07 15:06

أعلنت حركة طالبان أنها سيطرت على ولاية بنجشير بأكملها بعد معارك استمرت 6 أيام، وهي آخر منطقة في أفغانستان كانت في أيدي قوات مناوئة، بينما تضع الحركة اللمسات الأخيرة قبل إعلان الحكومة، وسط تصريحات دولية يسودها الحذر والترقب.

وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد إن الحركة بسطت سيطرتها على هذه الولاية الواقعة شمال شرق البلاد، لتكتمل بذلك سيطرتها على كل أراضي أفغانستان، حسب تقرير”الجزيرة نت”.

وأعلن مجاهد في مؤتمر صحفي بكابل الاثنين أن “الحرب انتهت رسميا في أفغانستان”، وسعى لطمأنة سكان بنجشير بأنه لن يكون هناك أي تمييز ضدهم.

وقال إن عددا كبيرا من المسؤولين السابقين غادروا بنجشير إلى الخارج، مشيرا إلى أن عددا منهم لجؤوا إلى هذه الولاية بهدف مواصلة المقاومة، وأكد أنه لا مبرر لاستمرار الحرب في البلاد، وأنه حان الوقت لبناء الوطن.

وأضاف أن طالبان حاولت بصورة جدية حل مشكلة ولاية بنجشير سلميا لكن جهودها فشلت، على حد تعبيره، مؤكدا أن من خرجوا من بنجشير وأفغانستان يمكنهم العودة في أي وقت.

اعتراف مسعود

من جانبه، أقر أحمد مسعود القيادي في الجبهة المناوئة لطالبان في تسجيل صوتي بسيطرة الحركة على ولاية بنجشير، وقال إن أفرادا من عائلته قتلوا في هجوم طالبان أمس الاثنين.

وأضاف مسعود أن طالبان لم تقبل وساطة علماء الدين لوقف إطلاق النار في الولاية، مطالبا المجتمع الدولي بعدم الاعتراف بالحكومة التي ستشكلها الحركة، وأكد أنه سيعمل مع جميع الذين يرفعون السلاح ضد طالبان.

وبثت طالبان صورا ومقاطع فيديو تظهر قادة ومقاتلين من الحركة يدخلون مدينة بازاراك (مركز بنجشير)، وقد وقف بعضهم أمام بوابة مقر حاكم الولاية، ورفعوا علم طالبان فوق سارية.

من جهة أخرى، قال مصدر في الحكومة المنصرفة للجزيرة إن أمر الله صالح نائب الرئيس السابق أشرف غني -والذي كان يدعم القوات المناوئة لطالبان- غادر بنجشير إلى طاجيكستان.

وكان صالح قد أعلن أنه الرئيس الشرعي بعد مغادرة غني إلى أبو ظبي إثر دخول طالبان كابل منتصف أغسطس/آب الماضي.

وقال مراسل الجزيرة في العاصمة كابل حمدي البكاري إن طالبان أكدت سيطرتها على مقرات الشرطة وحاكم الولاية بمدينة بازاراك.

وأشار المراسل إلى أن عناصر من القوات المناوئة سلموا أنفسهم لطالبان، لكن آخرين لجؤوا إلى الجبال في هذه الولاية التي تشتهر بتضاريسها الوعرة.

وقال مراسل الجزيرة من مدخل وادي بنجشير صهيب العصا إن هدوءا متوترا يسود المنطقة، وإن طالبان سيطرت على مراكز المديريات الرئيسية بالولاية، لكن يعتقد أن مسعود وجيوب مقاومة معه ما زالوا يتحصنون داخل الوادي.

وأفاد المراسل بأن قوات من طالبان دخلت الوادي، في محاولة لتعقب تلك الجيوب.

من جهة أخرى، أكدت وزارة الدفاع البريطانية أن طالبان تسيطر على كل أفغانستان، لكنها قالت إن الوضع في بنجشير غير واضح.

أما الخارجية الإيرانية فقد حذرت من انتهاك حقوق الإنسان في بنجشير، وحثت طالبان على الالتزام بالقانون الدولي، وأضافت أن سلوك الأطراف التي ستحكم أفغانستان سيحدد كيفية تعامل طهران معها.

وكانت طالبان قد رفضت قبل ساعات عرضا من الزعيم المحلي أحمد مسعود بوقف القتال وإجراء محادثات إذا انسحبت الحركة من الولاية، وذلك مع سيطرة طالبان على جميع مديريات الولاية السبع.

وقال مسعود -على صفحة ما تسمى “الانتفاضة الشعبية” في فيسبوك- إنه يرحب باقتراح مجلس العلماء لإجراء محادثات لإنهاء القتال في بنجشير.

وفي وقت سابق، ذكرت وسائل إعلام محلية أن مجلس العلماء المؤلف من علماء دين دعا طالبان لقبول التفاوض من أجل تسوية سلمية ووقف القتال في هذا الوادي.

وردا على عرض مسعود، قال المتحدث باسم المكتب السياسي لطالبان “لم يبق ما نتفاوض عليه مع أحمد مسعود بعد رفضه عرضنا للسلام قبل أسبوعين”، في إشارة إلى مساعي الحركة للسيطرة على ولاية بنجشير بطريقة سلمية خلال الفترة الماضية، قبل أن تشن منذ أيام هجوما على المنطقة عقب رفض القيادات المحلية تسليمها دون قتال.

ونقلت مصادر للجزيرة أن فهيم دشتي المتحدث باسم مكتب مسعود قتل خلال مواجهات في بنجشير.

الحكومة الجديدة

من ناحية أخرى، قال مسؤول في حركة طالبان للجزيرة إن الحركة أكملت إجراءاتها لإعلان الحكومة الجديدة، وإن زعيم الحركة هبة الله آخوند زاده سيبقى في موقعه وسيشرف على الحكومة.

وأضاف المسؤول أن طالبان ستعلن نظاما يحظى بقبول المجتمع الدولي والشعب الأفغاني، مشيرا إلى توجيه دعوة لكل من تركيا والصين وروسيا وإيران وباكستان وقطر للمشاركة في يوم إعلان الحكومة.

ذبيح الله مجاهد: العلاقة مع الصين قوية ونريد التعاون معها من أجل تنمية البلاد (الجزيرة)

وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده، قال ذبيح الله مجاهد إن طالبان ستشكل حكومة تصريف أعمال كي تكون هناك فرصة لتعديلها وتحسين أدائها.

وأوضح مجاهد أن علاقة الحركة مع الصين قوية، وتريد التعاون معها من أجل تنمية البلاد، وقال إنهم يتوقعون أن تعترف بكين بالحكومة الجديدة.

وعن مطار كابل، قال إن تشغيل الرادار في المطار يحتاج إلى وقت لأن القوات الأميركية عطلته قبل انسحابها.

وأضاف مجاهد “إن أصدقاءنا القطريين والأتراك يعملون على إعادة استئناف الرحلات الدولية من مطار كابل”، مجددا دعوة حركته للدول الصديقة لإعادة بناء أفغانستان.

وكان المتحدث باسم المكتب السياسي لطالبان محمد نعيم قال إن زعيم الحركة سيكون أميرا للبلاد، في حين لم يحدد بعد اسم رئيس الحكومة المرتقبة.

وأضاف نعيم أن جهود تشكيل الحكومة مستمرة وقد يتم الإعلان عنها خلال أيام، وكان رئيس المكتب السياسي الملا عبد الغني برادر قال قبل يومين إن طالبان بصدد تشكيل حكومة شاملة تمثل جميع أطياف الشعب.

ردود فعل خارجية

على صعيد ردود الفعل الدولية، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن حكومته لن تدخر جهدا للدفاع عن أمن البلاد رغم سحب القوات البريطانية من أفغانستان.

وأوضح جونسون في كلمة أمام مجلس العموم أن بريطانيا وحلفاءها سيستخدمون جميع الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية، بما في ذلك الاعتراف الدولي بحكومة طالبان والإفراج عن المليارات المجمدة في الخارج، وذلك بهدف منع تحول أفغانستان إلى دولة حاضنة للإرهاب.

وأضاف “سنحكم على طالبان من خلال أفعالها وليس أقوالها، وسنستخدم كل الوسائل الاقتصادية والدبلوماسية لحماية دولنا من الأذى ومساعدة الشعب الأفغاني”.

من جهتها، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن روسيا مستعدة للمشاركة في مراسم تنصيب الحكومة الأفغانية الجديدة بشرط تمثيلها كل فئات المجتمع.

وكان لافروف قد أعرب عن استعداد موسكو لدعم الحكومة الأفغانية المرتقبة إذا ما كانت حكومة شاملة تمثل طيفا واسعا من المجموعات العرقية في البلاد.

واعتبر أن تشكيل حكومة شاملة كهذه كفيل بضمان الانتقال المستدام إلى حياة جديدة في أفغانستان.

من جهته، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إن فرص تحقيق أي تعاون مع طالبان ومساعدة الشعب الأفغاني تتوقف جوهريا على ما ستفعله الحركة.

وشدد ماس على أن الحكومة الجديدة يجب أن تُمثل فيها جميع فئات سكان أفغانستان، موضحا أن ألمانيا على اتصال مع طالبان لضرورة ذلك بالنسبة لعمليات الإجلاء.

وأشار ماس إلى أن ألمانيا تنتظر من طالبان الالتزام باحترام حقوق الإنسان، خاصة حقوق المرأة، وضمان عدم تحول أفغانستان إلى ملاذ جديد للجماعات الإرهابية، حسب قوله.

طائرات قطرية

ووصلت الاثنين طائرة قطرية ثالثة تحمل مساعدات إنسانية إلى مطار كابول، في إطار جسر جوي تقيمه الدوحة.

وقد وصلت أول أمس طائرة قطرية تحمل مساعدات إغاثية عاجلة للشعب الأفغاني مقدمة من جمعية قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري، وذلك بهدف توفير الاحتياجات الضرورية العاجلة.

وقال السفير القطري في كابول سعيد بن مبارك الخيارين إن الطائرات تأتي ضمن جسر جوي سيستمر خلال الأيام المقبلة.

وصرح الخيارين في حديث للجزيرة اليوم بأنه يجري حاليا وضع اللمسات الأخيرة قبل استئناف الرحلات الدولية من مطار كابول.

وكانت طائرات قطرية أخرى وصلت خلال الأيام الماضية إلى العاصمة الأفغانية تحمل معدات وتجهيزات فنية لإصلاح مطار كابول.