ويسلم الروح لباريها ثاني أكبر رموز جيل  التأسيس

-A A +A
اثنين, 2022-01-10 17:02
الدبلوماسي أحمد سالم ولد أحمد

لست مبالغا إذا قلت أن الدور الذي لعبه الإداري اللامع الوزير المقتدر أحمد ولد محمد صالح رحمه الله في إرساء دعائم الدولة الوطنية الحديثة يلي مباشرة من حيث الأهمية والتأثير الدور الذي لعبه القائد المؤسس المختار ولد  داداه رحمه الله، فقد كان المختار وهو يخطو الخطوات الأولى على طريق إقامة صرح كيان دولة تفتقد يومها كل مقومات كيان الدولة الحديثة يحتاج الى ذراع أيمن يٰشد به عضده بوزن المرحوم احمد ولد محمد صالح الذي يغادرنا اليوم  ليكون خير ظهير وسند له في مهمة كانت أقرب ما تكون حينئذ من الخيال العلمي، فوجد فيه ضالته المنشودة فكان الرجل المتشبع بقيم الوطنية المتشبث بثوابت مجتمعه المتضلع من ثقافة عصره أصيلها وحديثها، وقد راكم تجربة ثرية في العمل الإداري أيام الفرنسيين فكان نعم السند للرئيس في المهام الصعبة وفي المواقف العسيرة التي تتطلب أولا وقبل كل شيء مستوى عاليا من الوفاء والولاء للوطن، لقد سخر أحمد ولد محمد صالح كفاءته وخبرته لكل المهام النبيلة التي تولاها  انطلاقا من موقعه كوزير للداخلية حيث يمكن اعتباره اليوم الأب الروحي للإدارة الموريتانية الحديثة التي رعاها وواكبها وهي في طورها الجنيني إلى ان بلغت أشدها كما ترك بصماته واضحة على القطاعات الأخرى التي قادها سواء من موقعه كرئيس للمحكمة العليا أو كوزير  الدولة للسيادة الداخلية  التي تنضوي تحتها آن ذاك قطاعات إستراتيجية هي حساسة  هي الداخلية والدفاع والعدل، كما كان وزيرا للتجهيز والنقل وكانت تلك آخر حقيبة وزارية يتقلدها عندما أطاح انقلاب ١٠ يوليو ١٩٧٨م  بنظام المختار رحم الله الجميع، ولم يقبل أحمد ولد محمد صالح رحمه الله بعد تقاعده الإداري والسياسي الخلود إلى الراحة بل واصل عطاءه بجد ونشاط  في خدمة بلده، وتحول إلى مستثمر في القطاع الزراعي وكان غاية في النموذجية والجدية، وقد مثل حقا قيمة مضافة لهذا القطاع خلال تلك المرحلة الهامة من نشاطه، وشكل مدرسة حقيقية لمنتسبي هذا القطاع يستوي في ذلك زملاؤه المستثمرون والمؤطرون وتلك هي الفئة التي كنت أنتمي لها حينئذ وقد كانت تلك الفترة ذهبية في مشواري المهني حيث أتيحت لي فرصة التعلم منه عن قرب خلال الاجتماعات واللقاءات التي كانت تجمعنا عندما أجمع المزارعون في تلك الفترة على انتخابه رئيسا لمجلس إدارة الاتحاد العام لتعاونيات القرض والادخار الزراعي الذي تنازلت له الدولة آنذاك عن تسيير القرض الزراعي بعد فشلت البنوك العمومية في مهمة تسيره.رحم الله رجل الدولة والوطن أحمد ولد محمد صالح، فهو فقيد الأمة الموريتانية بأسرها وتعازينا القلبية لوطننا أولا و للبيت الخاص الفاضل وبارك الله في البنين والبنات وجعل منهم خير خلف لخير سلف، وإنا لله و إنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين وصلى الله و سلم على نبينا محمد حق قدره و مقداره العظيم 

أحمد سالم ولد أحمد

 * الخرطوم *