"زيادة الرواتب" أصبحت في جيوبي!/ الكاتب خالد الفاضل

جمعة, 2015-01-30 21:47

كنت قد وعدتكم بالإفصاح عن حجم "زيادة الرواتب"،وذلك لعمري يتطلب شجاعة من نوع خاص! فالحديث عن الراتب ليس عملا رومانسيا،أو بعبارة أخرى محرج،وقد يجعل العصافير تطير بعيداً ، بيد أنه لا مناص من خلع رداء الأنفة،والحديث بلغة رياضية بحتة،بعيداً عن مقام "فاقو" الذي لم يتحمس للموضوع،ونصحني بتلحين "زيادة الرواتب" في مقام "لكحال" فهو يليق بالشجن

في "تامشكط" لا يوجد بنك،لذا شدَّ صاحبكم الرحال نحو مدينة "كيفه"،ليحكم القبضة على الراتب كنوع من الحزم،من يدري البنك قد يتعرض للإفلاس،ومن أجل العودة بالغنائم وببعض الشكولاته!

وللأمانة،أنا موظف في عمر الزهور و"بريء"ومن مواليد شتاء 2013،وبعد "الزيادة" راتبي صارت تفصله 7 أمتار للخروج من دائرة (المائة عام من العزلة)،مثل فتاة من أهل البادية تخاف من الأمواج ومع ذلك تحب السباحة ورسم أحلامها على رمال الشاطئ!

بعد رحلة الذهاب والإياب(تامشكط-كيفه)،إذا نزعنا أجرة النقل من الزيادة يتبقى منها مبلغ 4000 أوقية،مع العلم أن ثمن الذهاب والإياب يعادل(ثمن خنشة من الأرز- (ثمن نصف ديك مشوي+ثمن علبة من حليب السعودية))

ربما يهدر بعض "الزملاء" دمي،ويمثلون بجثة كبريائي،فقد قمت بكشف بعض "الأسرار النووية الخطيرة"!

مع أنني تناسيت بعض الإضافات البترولية على الراتب "علاوة الطبشور وعلاوة البعد"،وهي قد لا تعني شيئا لذئب الواقف شرق ولاته،فهي موسمية ويتم سجنها مع "الأشغال الشاقة" في العطلة الصيفية

وفي النهاية لا أخفيكم سراً أن الحديث عن المال،لا يثير في نفسي الشجون كما أنه لا يثير فيها الحماس!

مع أنني أخنق الديك على "الحبًّة"،ويدي تتعثر وهي في طريقها إلى جيبي،والسبب!!

أن الديك بحوزتي مصاب بالسمنة و"عامل ريجيم"وأخنقه حفاظا على صحته،أريده أن يتعلم الصبر،أما الجيوب لقد نسي الخياط وضعها في ملابسي،وتركت النقود في يدي حتى لا تقترب من قلبي!

سبحان الله من سمع هذا الكلام عن الزهد يحسبني هبطت للتو من السماء،هل ربطتم أحزمة الأمان؟؟

ألا حبذا هند وأرض بها هند @ وهند أتى من دونها النأي والبعد

لو علم الشاعر أن وزارة التعليم تمنح علاوةً للبعد لمدحها بقصيدة عصماء يصف فيها الصبابة التي تعتريه عندما يشاهد السبورة ويمسك الطبشور ليبرهن بالمنطق الرياضي،أن "الرواتب" و"الأسعار" يركضان معاَ،لكن مع فارق في السرعات واللياقة البدنية لا تخطئه الجيوب!

فالأسعار كأنها عداءة كينية،والرواتب كأنها مواطنة مخضرمة عاصرت زمن "لبلوح" وأصيبت بالسكري وتمارس رياضة المشي على طريق المطار!

الحمد لله على كل حال،وكان الله في عون الفقراء وهم يبيتون على أرصفة الحياة،يطاردهم الجوع والبرد،لا حساب لهم في البنك ولا عطاء يأتيهم من بيت مال المسلمين،وفي عون العاطلين عن العمل وقد ملّوا النظر إلى سقف الأحلام المؤجلة وإخفاء كرامتهم في الجيوب الفارغة،وفي عون المغتربين وقد وضعوا حياتهم رهن الحنين والخوف،وتفرقوا طرائق قددا للبحث عن الخبز الذي يأخذ من صحتهم وعمرهم ضعف ما يأخذه الانتظار والجلوس في وطن عاطل عن الإصلاح!

في مدينة كيفه والساعة تشير إلى 8 صباحاً و 10 دقائق،والنوافذ مغلقة والهواء بارد وأشعة الشمس الذهبية تتسلل بين البيوت لتوقظ الحياة المختبئة بكسل بين أحضان الشتاء....وجمعتكم مباركة.

 

من صفحة الكاتب خالد الفاضل على الفيسبوك