أين تقع إرم الذي ذكرت في القرآن؟

أحد, 2014-07-06 18:08

مدينة إرم مكان من الأماكن التي حيرت المفسرين والجغرافيين والمؤرخين وعلماء الأنساب المسلمين، حتى اكتشفت أخيراً بعثة أمريكية من وكالة (ناسا) منطقة تحت الرمال ما بين اليمن وعمان تسمى (الشيصار)، فيها العديد من المجاري المائية الجافة مدفونة تحت رمال الحزام الصحراوي الممتد من موريتانيا غرباً إلى أواسط آسيا شرقاً، وبعد دراسة مستفيضة أجمعوا على أنها آثار عاصمة عاد التي ذكرها القرآن الكريم باسم (إرم) والتي قدر عمرها بأكثر من خمسة آلاف عام، وقد نزل بها عقاب ربها فطمرتها عاصفة رملية غير عادية، وعلى الفور تشكل فريق بحث علمي في كل التخصصات كان منهم الدكتور العالم زغلول النجار من مصر، وفي عددها الصادر بتاريخ 17-2-1992 نشرت مجلة "تايم" الأمريكية أنه "تم اكتشاف قلعة ثمانية الأضلاع سميكة الجدران بأبراج في زواياها مقامة على أعمدة ضخمة يصل ارتفاعها إلى 9 أمتار وقطرها إلى 3 أمتار ربما تكون هي التي وصفها القرآن الكريم بذات العماد"، وكتبت صحف العالم عن هذا الاكتشاف .

 

قلب العالم

 

"ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد" (سورة الفجر الآيات: 6و7 و8 ) .

مدينة كانت عامرة بالحياة غنية قوية شكلت قلب العالم في زمانها فكانت الرائدة المزدهرة بعلمها وتقدمها في مختلف العلوم، ومنها علم الفن المعماري حتى وصفها القرآن الكريم ب(ذات العماد)، حيث كانوا يبنون القصور المترفة والصروح الشاهقة، وكعادة الجبابرة والطغاة لم يشكروا نعمة الله عليهم فظلموا وطغوا فعاقبهم الله بعاصفة رملية وريح شديدة محملة بالأتربة قضت عليهم وغمرت دولتهم بالرمال فجعلت مدينتهم بكل صخبها وقصورها وهيمنتها كأن لم تكن، يذكر الطبري في تفسيره لهذه الآية اختلاف أهل التأويل في معنى (إرم)، والصواب أن إرم إما بلدة كانت عاد تسكنها، وإما اسم قبيلة، كتميم وبكر، وقوله: (ذات العماد) قال بعضهم معناه: ذات الطول، وذهبوا في ذلك إلى قول العرب للرجل الطويل: رجل معمد، حيث كان سكان إرم طوال الأجسام، وقيل: (ذات العماد) لأن أهل إرم كانوا أهل عمد، ينتجعون الغيوث وينتقلون إلى الكلأ حيث كان، ثم يرجعون إلى منازلهم .

 

شدة وضخامة

 

جاء ذكر قوم عاد في سورتين من سور القرآن الكريم، سميت إحداهما باسم نبيهم هود عليه السلام وسميت الأخرى باسم موطنهم الأحقاف، وفي عشرات الآيات القرآنية الأخرى التي تضمها ثماني عشرة سورة من سور القرآن الكريم جاء ذكرهم أيضاً، وذكر الشيخ حسنين مخلوف في تفسيره "صفوة البيان لمعاني القرآن" أن (عاد) هو: عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام، وسمي أولاده باسمه، وقيل لأوائلهم وهم الذين أرسل إليهم هود عليه السلام عاد الأولى تسمية لهم باسم أبيهم، و(إرم) تسمية لهم باسم جدهم، وقيل لمن بعدهم عاد الآخرة، وقيل: إن (إرم) قبيلة من (عاد) وهي بيت ملكهم، فهي بدل بعض من كل، و(ذات العماد) صفة لقبيلة (إرم) أي ذات الأعمدة التي ترفع عليها بيوت الشعر، إذ كانوا أهل خيام وعمد ينتجعون الغيوث ويطلبون الكلأ حيث كان، ثم يعودون إلى منازلهم، وقيل: ذات الرفعة والعزة، (لم يخلق مثلها . .) صفة أخرى لها، أي لم يخلق في بلادهم مثلها في الشدة وعظم الأجسام .

 

الربع الخالي

 

وذكر المفسرون أمثال الطبرى والسيوطي والقزويني في تفسيرهم لهذه الآية أنهم كانوا من (العرب البائدة)، وهو تعبير يضم أمماً كثيرة بادت واندثرت قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بمئات السنين، وقال المفسرون: إن مساكن قوم عاد كانت بالأحقاف جمع حقف، أي الرمل المائل وهي جزء من جنوب شرقي الربع الخالي بين حضرموت جنوباً، ومعظم الربع الخالي شمالاً، وعمان شرقاً، وأن نبيهم كان سيدنا هود عليه السلام وأنه بعد هلاك الكافرين من قومه سكن نبي الله هود أرض حضرموت حتى مات ودفن فيها قرب(وادي برهوت) إلى الشرق من مدينة (تريم)، أما عن( إرم ذات العماد) فقد قالوا إنها كانت من بناء شداد بن عاد وقد طمرتها الرمال فهي لا تعرف الآن، وإن ثارت من حولها الأساطير .

وذكر محمد علي الصابوني أستاذ الشريعة والدراسات الإسلامية في تفسيره "صفوة التفاسير" أن هذه الآية خطاب من الله عزوجل لنبيه . . أي ألم يبلغك يا محمد ويصل إلى علمك ماذا فعل الله بعاد، وهم قوم هود؟ (إرم ذات العماد) أي عاداً الأولى أهل (إرم) ذات البناء الرفيع، (التي لم يخلق مثلها في البلاد) أي تلك القبيلة التي لم يخلق الله مثلهم في شدتهم، وضخامة أجسامهم .

ولا يصدق أحد أن الربع الخالي، وهو من أكثر أماكن الأرض قحولة وجفافاً اليوم، كان مملوءاً في يوم من الأيام بالأنهار والبحيرات والبساتين والأنعام والينابيع والقصور والعمران والبشر، كما أخبرنا القرآن الكريم.