الشاي عند الموريتانيين حتى يومنا هذا، فهـــو بيت قصيد اللقاء ومفتـــاح الضيافة والإحســان

-A A +A
أربعاء, 2014-07-09 18:22

 وفــيه يقـــــول الشاعــــــــر:

 أتــاي أحـــــن ذ يجمــــعن    مخــــــــــلاه أعلـــين غــــال

أو هـــــو رفيق أن نحــــن     فـــي النـــــزول والترحــــال

 

أتــــاي أعلــي لمغليـــــــــه    ومشــــرين ل للـــكســـان

عودان الناس أتحاسن بــــه    الـــناس إل تعرف لحسـان

 

وحــول الشاي (أتاي) أيضا يجــتمع الأصـــدقاء في لعب ولهــو ومرح. يـقـــول أحدهـــــــم:

 

أتاي أل زين وبالجود    نشرب كاس خوف أععكــاس

وتاي أل وجه معكود    ماه فال نشرب كــــــــــــــاس

 

ويحمل هذا (الكاف) معنيين أثنين يتعلق الأول منهما بمن يعد الشاي أي (القيام) والــذي يجب أن يكون منبسط الوجه مبتسما حتى يضفي نوعا من الرغبة في تناول الشاي وشربه، أما المعنـى الثاني فيتعلق بطبيعة الشـــــاي نفـــسه، والذي ينبغي أن لا يـــكون (معــكودا) أي شديــد الســـواد وقلــيل الســكروهو الشاي قوي التركيز. وعلى ذلك الأساس يصف لنا أحد الشعـــــراء الموريتانيين الشكل الجيد الذي من المستحسن أن يكون عليه الشاي قائلا:

 

أتاي أل زين أومتكـاد      لون يصـــفارأويحمـار

معلـوم أفلعمارإلاعــاد    يورش معلــوم أفلعمـار

 

أي يجب أن يكون الشاي (أصفر اللون أو أحمره) وذلك مهم وصحي كما يرى الشاعر، حتى أنه يساهم في امتداد العمر وبقاء الإنسان طويلا على قيد الحياة، إذا كان من شىء يساهم في ذلك.

ومما هو جدير بالذكرأن للشاي شروط ثلاثة يقوم عليــها ولا يمــكن أن يصح بدوتها، وهــي المعروفة ب(الجيمات الثلاثة) لأن كلا منها يبدأ بـ(حرف الجيم) وهي: (الجماعة، والجر، والجمر).

وفي ذلك يقول أحد الموريتانيين:

 

أتاي أمن شروط لهــن    وجماع زين سمـــاع

تسمع لشعار أو لغـــن    وأتعود أمــل بــــــداع

وأيعود كســان   مثنى     وثــلاث وربــــــــاع

 

ومن هنا فقـد كان الشاي أحد مقومات الســهر, وأحــد عناصره الهامة حيث يقــال في ذلك:

 

أتاي أمنين أكـــدا دواخ    طلعت بالم  طــالع

بربع كسان أكداد  واخ    تو أطلــوع المطـالع

 

ولشرح هذا (الكاف) فإن (أكدا- دواخ) الأولى تعني: قمة الدوخة أو الدواخ وهو التــــوق الى شرب الشاي حيث صنعه صاحبه بماء مغلى أو (مفور) أي (ألم طـالع)، أما (اكداد- واخ) الثانية فترجــع الى الكــؤوس الأربــعة التي كانت متساوية ومن نـــوع واحــد يسمى (الواخ)، وتكـــون (تو اطلـــوع المطالع) الأخيرة من شطر (الكاف) تعني وقت طلوع الفجـر.

ولم يكن الشاي غائبا عن مداعبة الغيد شعرا، حيث يتفاخر الشعراء بشايهن في أغلب الأحيان، عـند لقاء الأحبة. ومما قيل في ذلك المجال:

 

بت البـارح نله قيـــد    كـــاس فيــد والم طــالـع

لين الليل أكبظت بيـد    بالمنـــازل والمطـــالــع

 

وقد يأخذ هذا (الكاف) معنيين أيضا,وذلك حسب شرح كلمة (ألم طالع) التي قد تعني (طلوع الماء أي غليانه أولا، وطلوع الفجرثانيا ) كما أسلفنا في (الكاف) السابق. وكلمة المنازل التــــــي تعنـــي البيوت في المقام الأول، وتعني كذلك نزول الماء في الإناء، كما كان يفعـل أهـل الصحراء لمـــياه (الغدير) من أجل تصفيتها.

وقد حافظ أهـل الصحراء على الشاي وتماسك عناصره خوفا من أن تشوبها شائبة، فتعكر صفو مياه تناسق جماعته وذلك ما يوضحه الكاف التالي:

 

أتاي إيطـــــــــير      ذ النوبـة خــــالـك

وتاي إيطـــــــير      ش مـــاه خــــالـك

 

ويعني التصغير في (إيطـيرو) الأولى الاستلطاف أو المدح بمــا يشبه الـذم، أما (أيطـير) الثانية فتعنــي الستخفاف والإعراض عنه أو عدم الرغبة فيه. ويعني (الكاف) في مجــمله أنه رغم وجـود الشاي وتـوفره فـي تلك الآونة، فإن أقل شيء يمكن أن يجعله غير مرغوب فيه. وذلك لشدة الحرص على تماسك عناصره كما ذكرنا.