التغيير قريب / الشيخ سيد أحمد ولد حيده

-A A +A
ثلاثاء, 2014-05-20 20:24

 في بداية الربيع العربي وفي أوج خروج الشباب الموريتاني مطالبا  بالكرامة والحرية والعيش الكريم، كان النظام في سبات عميق مطلقا العنان لنزواته وتصفية خصومه السياسيين والماليين، معتقدا أن شعار "رئيس الفقراء"

 لا يزال قادرا علي كسب مشاعر الشعب الموريتاني المطحون وحجب حقيقته عنهم، لكن الجموع الكبيرة للشباب المرابطة حينها في ساحة ابلوكات ، كشفت للرأي العام زيف شعاراته و عرته أمام الجميع، لتنذر من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، بحتمية التغيير في هذا الوطن الغالي على الوطنيين من كل الفئات.فبعد أسابيع من ذلك الحراك القوي، الذي فاجأ الجميع، أوعز "الجنرال" إلي بعض متزلفيه بالخروج إلى الميدان نفسه الذي خرج إليه شباب الخامس والعشرين من فبراير ، لكن هذه المرة تحت شعار آخر هو تمجيد ثورة 18 يوليو التي أوصلته إلى سدة الحكم ، فكان الحضور محتشما رغم تمثيل المجموعات الضيقة و تسخير موارد الدولة لمنظميه، لينتهي ذالك المشهد الدراماتيكي بصبية من بلطجية الشرطة تنهال على الحضور بالحجارة، في مكيدة مدبرة لاتهام الشباب المطالب بالتغيير بالفعلة وليخفوا سوءاتهم وفشلهم، وتضع الشرطة بعد ذلك يدها على ساحة ابلوكات وتضيع في صفقة مشبوهة كغيرها من ممتلكات الدولة، إلى جيوب "الجنرال" وسماسرته.لم تثن الشباب صنوف العذاب والاعتقال والإذلال الذي تعرض له على أيدي الشرطة وبلطجيتها بل شارك وبقوة في الحراك السياسي المطالب بإسقاط النظام، تحت شعار الرحيل، فلجا النظام إلي تفقيس أحزاب شبابية تحت الطلب لامتصاص ثورة الشباب، رافعا شعار تجديد الطبقة السياسية وإشراك الشباب في صنع القرار،لكنها لم تعمر طويلا، فاسحة المجال أمام الحرس القديم لتبقي الكلمة الفصل للحزب الحاكم وزبانيته من بقايا الأنظمة السابقة، ويسقط قناع إشراك الشباب في أول تحد خلال الانتخابات الأخيرة، ويثبت الشباب الموريتاني أن شباب الميدان وحدهم الأقدر عل فرض التغيير.في تلك الظرفية وبعدما وجد النظام نفسه مرة أخرى في مواجهة مع صناع التغيير والطامحين لدولة الحق والكرامة لجأ إلى مسرحية "لقاء الشباب" إذ كانت أيادي الأمن بادية للعيان، ومدرسة التزلف حاضرة بكل تجلياتها، لكن إنجازات النظام للشباب الموريتاني وسياسته في القضاء على البطالة واحترام حرية التعبير، وصون وحماية مقدسات الأمة، لا تزال شاهدة  فدم  ألمين مانغان و ولد المشظوفي و ولد حمود والضباط  وغيرهم من الشهداء وكذالك شهداء المؤسسة العسكرية الذين راحوا ضحية لصفقات النظام المشبوهة لجلب طائرات متهالكة أو متاجرة بذهب موريتانيا خلسة ومن وراء حجاب، وامتناع النظام عن تلبية مطالب الشباب الموريتاني بفتح تحقيق في قتلهم ومعاقبة المتورطين في إزهاق أرواحهم البريئة، أم أن النظام يريد نسيان تلك الأرواح البريئة؟أم أن الأحياء أولى من الأموات بالاهتمام؟!يحاول النظام الموريتاني اختزال جرائمه في صراع سياسيي على السلطة، مروجا لمقاربته أن نظامه بات أقوى من ذي قبل بعد فشل الربيع العربي وتحوله إلى بركة دم، وبفضل الرعاية التي توفرها له الأنظمة الغربية مقابل حراسة حدودها من المجموعات المسلحة والمهاجرين السريين، إضافة إلى توزيعه المؤسسة العسكرية إلى قيادات مختلفة كل قائد أكثر ولاء له من ولائه لوطنه، هذا في حين أنه يسعى لسحب البساط من تحت القوى السياسية المعارضة التي استعصت عليه من خلال التأثير على القوى الشبابية من باب سياسة العصا والجزرة فسنوات الجمر التي يعد بها الجميع كفيلة بأن تذيب عزيمة الشباب الذي لم يقبل بإغراءات عضوية مجلسه الشبابي الصوري ولا وظائفه وامتيازاته، كل ذلك ليضفي شرعية جديدة على مشروعه الذي لو أستجلب له كل مشاهير المعارضة ما زادوه إلا قبحا وما زادهم إلا خسة وهوانا.فالنضال لم يكن يوما من أجل مكاسب داخل الأحزاب السياسية ولا حتى من أجل إكراميات من لدن النظام، بل هو قناعة بضرورة العيش الكريم، قبل أن يكون مقارعة للظلم والاستبداد وللمنظومة المتحكمة في البلد متمثلة في المؤسسة العسكرية والمشايخ القبلية التي تصك مسامعنا مبادراتهم لتأليه الحاكم العسكري المتغلب بالقوة، فهل يريدون اليوم من الشباب أن يصيح بأعلى صوته "الرئيس ثوري.. الرئيس ديمقراطي"؟!!قد لا يكون الشباب كسب معركته ضد نظام الجنرال عزيز في الخمس سنوات الماضية، لكن يحسب له أنه وقف بحزم ضد سياساته المقيتة لتفريق المجتمع إلى شرائح متصارعة كما وقف ضد نهب خيرات البلد، ومهما يكن فسيبقى حاله أفضل بكثير من أولئك الذين لحقوا بالجنرال ليشاركوه ظلمه للشعب في الخمس سنين القادمة إن هو نجا من تغيير وشيك يباغته كما سيباغت المتزلفين الجدد له، ومهما طال الزمن أو قصر ستؤكد فلسفة المعارضين أن التغيير قريب وأن خطواتهم لتأسيس دولة مدنية لن تضيع سدى مهما حاول النظام تصوير التغيير بعيدا لينالوا من عزيمة دعاة التغيير و ليتمكنوا من العبث بخيرات هذا الوطن الجريح.