لا شيء سيحدث هذا الخريف !!! البشير عبد الرزاق

جمعة, 2015-07-24 10:59

في كل مرة تكون هناك زيارة رئاسية أو مؤتمر صحفي للرئيس أو تعديل وزاري مرتقب، يرفع الموريتانيون سقف توقعاتهم إلى السماء ويمنون أنفسهم بحصول معجزات. حتى مجلس الوزراء لم يسلم هو الآخر من هذا الأمر، حيث باتت صباحات الخميس من كل أسبوع، مناسبة لممارسة لعبة التوقعات الممكنة وتلك لا يصدقها العقل. أعرف كاتبا رائعا، نصح ذات مرة كل المحللين الذين يودون فهم كواليس السياسة الموريتانية في أيامنا هذه، بأن يسبحوا ضد المنطق والواقع والحقائق والمعطيات وأن يفكروا بالمقلوب ويصابوا بقليل من الجنون والهلوسة ونقص كبير في المادة الرمادية، لعلهم يفقهون شيئا مما يدور حولهم. بالمحصلة يمكن القول إن المعجزة التي ينتظرها الموريتانيون منذ زمن طويل لن تحدث خلال خريف 2015، على الأقل هكذا تصرخ جميع المعطيات والوقائع والمؤشرات التي تزاحمنا كل يوم من الصباح إلى المساء. فكل ما هناك هو أن مسلسل الزيارات الرئاسية الذي بدأ في عز الصيف الفارط سيتواصل في قلب هذا الخريف، الذي لم يتضح بعد وجهه من قفاه. ربما الفرق الوحيد هذه المرة هو أن المدارس ستكون خالية من التلاميذ، وسنوفر بذلك على أنفسنا حرج مشاهدة صغارنا يتعرقون وهم يحاولون ابتلاع خوفهم وخجلهم والبحث عن أجوبة ترضي صاحب الفخامة. أما الحوار فلم يعد أحد يتحدث عنه لا بخير ولا بشر، لا في الأغلبية ولا في المعارضة، وكأن القوم أشفقوا عليه أخيرا بعد ما ساموه من أصناف سوء العذاب خلال السنوات الماضية. المسكين لم يعد ينتظر سوى أن يتكرم عليه أحدهم بواحدة من رصاصات الرحمة الكثيرة التي ستوزع بكرم كبير في أقرب مؤتمر صحفي. لن يبقى أمام الموريتانيين إذن من حبل يتعلقون به هذا الخريف، سوى تعديل وزاري لاكته الألسن حتى أصبح طعمه "ماسخا" للغاية، وحتى هذا التعديل الذي قيل إنه لن يبقي ولن يذر، قد لا يحدث وإن حدث فلن يخرج عن سنن أسلافه، الذين جعلونا نحتار حتى اليوم بين كلمتي "تعديل" و"ترقيع". ولكن لا تخافوا علينا، ففي الأخير سيتقبل الموريتانيون الأمر بالروح الرياضية التي عودونا عليها دائما وسيشغلون أنفسهم بمتابعة أنباء الغيث، فمقاييس المطر على الأقل تخضع للمنطق، ولا يحتاج فهمها إلى القيام بتلك الحماقات، التي نصح كاتبنا الرائع كل المحللين بتجربتها.   نقلا عن صفحة الكاتب .