غزة وحرب الشلاليط الثلاثة / الدد ولد الشيخ إبراهيم

-A A +A
أحد, 2014-07-20 15:55

قالها أردوغان: "عاجلا أم آجلا إسرائيل ستغرق في بحر الدماء التي أراقتها"... لقد عاشت إسرائيل على أعصابها وهي تشاهد الفرقاء السياسيين الفلسطينيين يطوون صفحة الخلافات ويدخلون في حكومة وحدة وطنية برئاسة "الحمد الله"،

 وهو قرار يعني عدم اكتراث السلطة الفلسطينية بالخيارات المغلفة بالتهديد، والتي عرضتها إسرائيل مراراً وتكراراً على الحكومة الفلسطينية (أن تختار ما بين المصالحة مع حماس أو السلام مع إسرائيل) وهو ما عمق جراح صانع القرار الإسرائيلي أكثر، خاصة بعد الموقف الدولي المبارك لحكومة الوحدة، الذي اعتبر صادماً في إسرائيل، خاصة الموقف الأمريكي.في مساء السادس من هذا الشهر (يوليو) خرج نتنياهو من احتفال أقيم في الموساد لاحياء مرور 50 عاما على إنشاء جناحه العملياتي، ويبدو بأن نشوة الحفل جعلته يدخل في حربه ضد البنية التحتية لحركة حماس، بعد فشله في تحرير شلاليطه الثلاثة ( إيال يفراح وغيلعاد شاعر و نفتالي فرينكل) الذين اختطفهم مجهولون لمدة ثمانية عشر يوما، قبل أن يُعثر على جثثهم. وتحت الضغط المتواصل ل "داني دانون" نائب وزير الدفاع الاسرائيلي المنتمي لحزب الليكود المعارض، ودعواته المتكرر لنتنياهو الى الدخول في عملية تهدف الى "القضاء على حماس" متهما إياه بالضعف والتخاذل ... وجد نتنياهو مركزه ومستقبله السياسي على كف عفريت، بعد اتخاذه لقرار حرب ضد من وصفهم الجيش الاسرائيلي ب "الأشباح". ليقوم بالتخلص –منذ الجولة الأولى للنزال-

من مصدر الإزعاج الليكودي "داني دانون"  بعدما حمّل في تصريحات له نتنياهو مسؤولية فشل عملية "الجرف الصامد" كما أطلقت عليها إسرائيل.لكن هناك من يعتبر سبب الحرب الإسرائيلية على غزة هو أن "إسرائيل مع الكثير من المجتمعات الدولية، أرادت وضع عراقيل في طريق الحكومة الوطنية الفلسطينية، والتي تشكلت حديثًا في شهر يونيو الماضي". ومن بينهم الكاتب "نيثان ثيرال" والذي كتب في مقاله المنشور في صحيفة النيويورك تايمز، بعنوان: "كيف اختار الغرب الحرب في غزة". أشار فيه إلى أن "الدافع بالنسبة لحماس وراء تشكيل حكومة الوحدة، هو اليأس والعزلة اللذين أصابا حركة حماس جراء الفوضى التي أصابت حلفاءها في المنطقة (سوريا وإيران) وإسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، التي تنتمي لها حركة حماس في "انقلاب" يوليو 2013، ليحل محل حليفهم الدكتور محمد مرسي، عدوهم الجنرال عبد الفتاح السيسي، وهو ما أدى إلى تجفيف خزائن حماس بعدما أغلق السيسي الأنفاق التي كانت تحضر من خلالها الحركة بضائعها وعائدات الضرائب التي تعتمد عليها حماس"... لقد اختارت حماس أن تتخلى عن حكم غزة، بدلًا من الإطاحة بها بعد موجة الربيع العربي ضد القادة، الذين لم يستطيعوا توفير احتياجات المواطنين الأساسية...وعلى الفور بحثت إسرائيل عن فرصة لتقويض اتفاقية التسوية بمنع قادة حماس ومواطني غزة من الحصول على أهم فائدتين من الاتفاق، وهما: دفع الرواتب لـ"43 ألفًا" من المواطنين الذين يعملون لصالح حكومة حماس، والذين يستمرون تحت إدارة واحدة جديدة. والثانية: تخفيف الاختناق المفروض على الحدود بواسطة إسرائيل ومصر والذي يحد من مرور "الغزاويين" إلى العالم الخارجي.إن المتتبع للساحة الجيوسياسية يدرك أن حركة المقاومة الاسلامية حماس هي الأخرى دخلت مرغمة -بامكانياتها الغير متكافئة- في تلك الحرب وأطلقت عليها  "معركة البنيان المرصوص"، وكشفت خلالها عن مفاجآتها: حيث تحسن أداء الصواريخ محلية الصنع والتي كان مداها 4 كلم لتصل إلى أكثر من مائة وخمسين كلم مهددة بذلك العمق الاسرائيلي. كما نفذت أول عملية عبور عسكرية بحرية لها.ومن المفاجآت كذلك: طائرة بدون طيار قالت إسرائيل إنها إيرانية الصنع. لكن دخولها في المعركة شكل دهشة للعالم، قبل أن يفاجئ الجيش الاسرائيلي، الذي وجد نفسه يوغل في سفك دماء الأطفال والمدنيين... وهو ما حرك المظاهرات ضد كيانه في أوروبا وأمريكا، خصوصا تلك التي قادها حاخامات اليهود الذين شكلوا جماعة "ناطوري كارتا" المعارضة لقيام دولة اسرائيل قبل نزول السيد المسيح عليه السلام.  

الآن ورغم الحصار والصوم وسقوط الشهداء... يرابض المجاهد الفلسطيني على الثغور بعدما رفضت حركة حماس المبادرة المصرية، بحجة أنها لم يتم التشاور عليها معها قبل عرضها بشكل رسمي.  

فالمبادرة المصرية جاءت بعد أن قتلت إسرائيل اكثر من 191 وجرحت نحو 1400 آخرين... لكنها –وخلافا لما يشاع- ، لم تكن تلك المبادرة محل ترحيب بالاجماع من قبل الاسرائيلين: حيث لقيت معارضة شديدة من قبل وزراء "الليكود" في الحكومة الاسرائيلية، لا سيما من قبل زعيم "البيت اليهودي"،

نفتالي بينيت، ووزير الخارجية، وزعيم "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، بعد تصويتهما السلبي على المبادرة المصرية، وخروجهما بتصريحات تطالب بإعادة احتلال قطاع غزة مجدداً.وقد تراجعت إسرائيل عن الأهداف المعلنة لحربها بعدما اتضح لها أنها تعيد بكل غباء أخطاءها في جنوب لبنان، وذلك عندما حاولت إخماد مصادر إطلاق الصواريخ على المدن الاسرائيلية وفشلت في ذلك... الآن وبعدما نجحت في الدخول والتراجع في مساحة حدودية طولها كلمتر واحدن فقدت على اثرها أحد الجنود بالاضافة إلى جرح آخرين وتمكنت –حتى كتابة هذه الحروف- من قتل 298مدني من بينهم 71 طفل و25 سيدة. 

كما اصابت 2230 جريح من بينهم 640 طفل و400 سيدة و90 من المسنسن...وإلى أن يصحوا الضمير الإنساني ويرغم إسرائيل على وقف إطلاق النار والجلوس على طاولة المفاوضات، يبقى السؤال: ألا تعلم إسرائيل أن شلاليطها الثلاثة، ليسوا أعز على أمهاتهم من أبناء غزة الذين يقتلون بدون ذنب؟!!!