استجابة لدعوات رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز المتكررة والتي كانت مدينة شنقيط التاريخية آخر مناسباتها هذا العام تم في قصر المؤتمرات من السابع إلى الرابع عشر سبتمبر 2015 تنظيم لقاء تشاوري تمهيدي موسع في خطوة تحضيرية لحوار شامل تسعى الحكومة في أن يجمع بين الموريتانيين في المعارضة والموالاة.
والمعارضة المعنية في خطاب افتتاح هذا اللقاء هي التي تعتبر أن الدولة الموريتانية تعيش أزمة سياسية منذ 6 أغسطس 2008 وأن تلك الأزمة لم تنته لا باتفاق دكار ولا بانتخابات 18 من يوليو 2009 ولا بتلك التي جرت مؤخرا في يونيو 2014 والتي جدد فيها الموريتانيون تمسكهم بمحمد ولد عبد العزيز ليقودهم لمأمورية ثانية 2014ـ2019. وهي أيضا المعارضة التي نراها مرتاحة لنجاحها في إقناع مختلف أعضائها بأن أوضاع البلد تفاقمت منذ ذلك التاريخ حتى أصبحت تشمل بالإضافة إلى الجانب السياسي جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغير ذلك.
وهي أيضا المعارضة التي اتخذت من طرح الشروط التعجيزية أسلوبا ومبررا لمقاطعة الانتخابات وحوارات المصالحة التي تدعى إليها من حين لآخر حتى أصبح بعض قياداتها ومناصريها وكثير من الشعب يرمي رموزها بتقديم مصالحهم الشخصية الآنية على المصلحة العامة لحاضر ومستقبل البلد وشعبه.
ولكنه يخطئ في نظر هذه المعارضة المنتظمة في إطار المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة كل من يعتبرها مجرد عدة شخصيات أصبحت تشكل رموزا في أعين العامة من الناس وبعض الجهات الخارجية وهي الرمزية التي نالتها تلك الشخصيات نتيجة إما لطول ممارستها للسياسة على الساحة الوطنية وإما لوزن أفرادها من الناحية الاجتماعية أو إمكاناتهم المادية أو حملهم مشعل قضايا تخص بعض مكونات المجتمع.
ولا شك في أن تسفيه جميع ما يقوم به النظام ونعته بالعجز والفساد على جميع الأصعدة مما دأبت عليه هذه المعارضة هو أمر يروق للموريتانيين في الموالاة أيضا ولكنه لا يلتمس على أرض الواقع في المناسبات وخاصة عبر صناديق الاقتراع يوم يعز الولاء ويكره البراء وتظهر العداوة الحقيقية ـكما المناصرةـ من خلال نتائج التصويت.
أما بخصوص الأغلبية فهي راضية مرضية وقد يتراءى ذلك في كون الوزير الأول يحي ولد حد أمين عول كثيرا في خطابه على المعارضة التي تسعى إلى المساهمة في توطيد المكتسبات عموما وفي التطوير المضطرد لديمقراطيتنا الفتية وذلك عن طريق ملاءمة مبادئ وقيم تلك الديمقراطية الوافدة مع واقع بلدنا وخصوصياته الدينية والثقافية والاجتماعية ودون التفريط في مسايرة العالم والتفاعل معه في اتجاه معالم طريقه الجديد التي تمتاز بديناميكية مذهلة من حيث سرعة التقلبات والتناقضات.
وفي نفس السياق وكما بدأ في حفل الافتتاح رأينا السيد الوزير الأول ركز في خطابه الختامي للقاء التشاوري التمهيدي الموسع الذي ودعناه بالأمس على طمأنة المشاركين على أن الحكومة ماضية في تنفيذ نتائج مشاوراتهم التمهيدية؛ ولكنه في نفس الوقت أرسل أيضا إشارات صريحة تشجع الحكماء وأصحاب النوايا الطيبة على الوساطة من أجل المشاركة الشاملة لقوانا الحية السياسية والاجتماعية في الحوار المرتقب من ناحية وتبقي الباب مفتوحا دون قيد أو شرط أمام المشاركة الطواعية للمعارضة في المنتدى وخارجه من ناحية أخرى.
وكأن معاليه يذكرنا هنا في المناسبتين بــ ؛؛ خذ ما تيسر وأجل ما تعذر ولا تيأس من نيل الثريا ولكن لا تنس التسلح بمنطق العقل وصبر أيوب وبفلسفة التفاءل للألماني نــيتش وبحكمة القائل بأن السياسة فن الممكن؛؛.
