تسعى موريتانيا إلى تعزيز اقتصادها مستفيدة من تسجيل معدلات نمو جيدة خلال السنوات الماضية، وتستهدف عبر وضع سياسات قطاعية جديدة، تحقيق معادلة التوزيع العادل للنمو من ناحية وجذب مزيدٍ من الاستثمارات الأجنبية من ناحية أخرى خصوصاً إلى قطاعات الثروة الحيوانية والسمكية والزراعة.وأوضح وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية الموريتاني سيدي أحمد الرايس، في حديث إلى «الحياة» في مقر «لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) في بيروت، أن موريتانيا حققت من 2011 الى 2014 نمواً بلغ معدله 5.5 في المئة، وأن النمو يعتمد أساساً على صادرات الخامات الحديد والنحاس، ما جعل الإقتصاد المحلي يتأثر بتراجع الأسعار عالمياً، وانعكس ذلك بالتالي على النمو الذي يُتوقع أن يتراجع هذه السنة إلى 4.1 في المئة.وشدد على أن الاقتصاد الموريتاني يحتاج مزيداً من التنمية ورفع الإنتاجية، وقال: «لهذا السبب توجهنا إلى إسكوا للحصول على الدعم الفني في مواجهة هذه التحديات الاقتصادية».ورداً على سؤال عن الخطوات التي قطعها برنامج تعزيز النمو المتسارع 2015 - 2030، أوضح أن هذا البرنامج قام على أنقاض برنامج «الإطار الاستراتيجي لمحاربة الفقر 2001 - 2015»، الذي صيغ بالتوازي مع أهداف الألفية، لافتاً إلى تحقيق بعض أهدافه والإخفاق في ترجمة البعض الآخر. وقال: «البرنامج الجديد يتماشى مع أجندة الأمم المتحدة 2015 - 2030 وهو مبني على نظرة استراتيجية وأهداف تنموية محددة تركز على تعزيز إنتاجية الاقتصاد الموريتاني».ولفت ولد الرايس إلى أن معدلات الفقر سجلت تراجعاً ملحوظاً خلال السنوات الماضية، وأن موريتانيا تحتاج تسجيل نمو بمعدل سبعة في المئة لمدة 15 سنة متتالية حتى تقضي على الفقر كلياً، وأضاف: «يبدو أن هناك أرقاماً متفاوتة لدى الم المنظمات، لكن بيانات حديثة أظهرت تقدماً في مجال مكافحة الفقر، وننتظر إعلان البنك الدولي رسمياً نتائج إحصاءات أجريانها بالتعاون معه وتُظهر انخفاض الفقر بنحو 14 في المئة من 2004 إلى 2015، وأن هذه النسبة تراجعت بنحو 11 في المئة من 2008 حتى العام الحالي». وأضاف: «لا شك في أن الفقر موجود، لدينا تحديات بأن يكون النمو المسجّل أكثر شمولية وأن تستفيد من توزيعه كل المناطق، خصوصاً أننا حققنا معدل 5.5 في المئة لست سنوات متتالية وهذا أمر جيد، وبالتالي فإن المشكلة تكمن في وصول هذا النمو إلى الطبقات الأكثر هشاشة في المجتمع، وهو هدف يدخل ضمن تحديات الاستراتيجية الجديدة ويقضي بوضع آليات تكفل استفادة هذه الشرائح من النمو».واعتبر الوزير الموريتاني أن برامج التنمية في الدول العربية عموماً تعاني سوء توزيع الثروة الاقتصادية على شرائح المجتمع وهي مشكلة تعاني منها موريتانيا، التي تعمل على تنفيذ برامج عدة للتنمية الريفية تركّز على قطاعات الثورة الحيوانية والزراعية والسمكية. وقال: «الاستراتيجيات المقبلة ستركز على توزيع الاستثمارات بين المناطق بناء على حاجات كل منطقة ريفية وقدرتها على استيعاب الاستثمار، ونأمل في تحقيق النجاح على المدى المتوسط، ولدينا برامج متكاملة لإعادة توزيع الاستثمارات بما يقلّص التفاوت في النمو بين الريف والمدينة». وأضاف: «لدينا سياسة قطاعية جديدة للثروة الحيوانية وكذلك للقطاع الزراعي الذي سنعمل فيه على تشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وأوضح أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة بلغت خلال السنوات الخمس الماضية خمسة بلايين دولار كانت أساساً في قطاعي المناجم والصيد، وتابع: «مع تراجع الأسعار العالمية للمواد الأوليّة شهدت الاستثمارات تراجعاً بسبب تغيّر في استراتيجيات الشركات التي تتولى استغلال المناجم (...) نبذل جهوداً لتعزيز بيئة الاستثمار في موريتانيا من خلال إعداد منظومة قانونية وحزمة متكاملة لجذب الاستثمار، وسجلنا تقدماً على مؤشر البنك الدولي لتأسيس الأعمال وسيُعلن عن النتائج الجديدة الأسبوع المقبل،» رافضاً الكشف عن تفاصيل هذا التقدم لأن الإعلان يجب أن يكون مع البنك الدولي. ورداً على سؤال عن تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل في مواجهة التذبذب في أسعار المواد الأولية، أجاب: «نركز منذ سنوات على هذا الموضوع ونتوقع من المسؤولين في إسكوا مساعدة الدولة الموريتانية في بناء سياسات قائمة على مواجهة التحديات خصوصاً أن التنويع الاقتصادي يمكن أن يُطبق في موريتانيا على أكثر من اتجاه». وأضاف: «نحن نشتري الكثير من المواد الغذائية وبالتالي فإن تفعيل القطاع الزراعي يساهم في تعديل الخلل الموجود خصوصاً أنه يقلّص التعرّض لتذبذب أسعار المواد الغذائية، وكذلك الحال في مجال الثروة الحيوانية، فموريتانيا مصنفة من الدول الثرية في هذا المجال، وهذه الثروة لا تستغل كما يجب، والأمر ذاته يسري على الثروة السمكية التي يبقى استغلالها في إطار تصديرها في شكلها الخام ومن دون استغلالها».