القبلية تتقدم... وتفوز!

-A A +A
خميس, 2017-02-02 10:58
بقلم/ م. محفوظ ولد أحمد

من الطبيعي أن تتنافس الدولة والقبيلة على الإنسان، وأن تتراجع وتضعف إحداهما بالقدر الذي تزداد به قوة وهيمنة الأخرى. ولكنهما نقيضان لا يجتمعان. وبما أن الدولة عندنا وليدة خِدْجٌ، وطارئة دخيلة؛ والقبيلة هي الأصل صاحبة الشأن والألفة... فإن التوازن بينهما مفقود وميزان القوة مائل لصالح القبيلة. وقد عمل المؤسسون للدولة الموريتانية على إصلاح هذا الاختلال وجبر كسر الدولة بمحاولة تجريد القبيلة من سلطانها وإبعاد نفوذها وتأثيرها عن الشأن العام، وتقديم البديل الأفضل والأقسط منها للمواطنين. إلا أنه مع سقوط الدولة ومرضها المبكر، بعد اختطاف العسكر للسلطة، استعادت القبيلة نفوذها وقوتها، وهزلت الدولة وضعف عودها الطري. لأن كل نظام انقلابي يحكمه فرد تعوزه الكفاءة، ويشعر بعدم الشرعية ويسكنه هاجس "السقوط"، يلجأ إلى القبيلة ويضحي من أجل ولائها واستغلالها ببعض مقومات وخصائص الدولة، بالتقرب والركون لشيوخ القبائل النافذين، ومثقفيها الانتهازيين؛ مما يثير غيرة وحمية القبائل الأخرى فتبالغ في الولاء والتزلف، والتنافس على قلب الرئيس! فلا غرابة إذن أن نرى في كل مرة يُتهم فيها مسئول أو موظف بالفساد واختلاس المال العام والخيانة، مَن يهبون لنصرته وتبرئته والثناء عليه، من بين عشيرته وقبيلته؛ فيتلِّون العدالة على الجبين!! لقد عمد العسكر غِبَّ استيلائهم بالقوة على الحكم سنة 1978، على قلب بساط الدولة بما عليه؛ باعتباره يمثل النظام "المخلوع"! فلم يميزوا بين ما كان لصالح الدولة ككيان وطني عام، وبين ما كان لصالح الرئيس الزائل، رغم التباين الواضح بينهما في ذلك الوقت. وبما أن محاربة القبلية ونزع أكثر صلاحياتها لصالح الدولة، كانت من الثوابت البارزة في نظام ولد داداه، فقد أعاد إليها الانقلابيون الاعتبار والعافية؛ حتى إنهم أعادوا المسميات والمصطلحات القبلية لبعض المناطق الإدارية (الولايات)، كما كانت أيام الاستعمار... لكن الأمر لم يقتصر على ذلك، بل لجأ معظم قادة الانقلابات إلى القبيلة لسد ثغرات "شرعية" وجودهم، وتأمين الحماية السياسية والأمنية لحكمهم، على حساب هيبة ونفوذ الدولة. وبانتصاف فترة حكم ولد الطائع، ورفعه شعار الديمقراطية والليبرالية، تم حسم المعركة الصامتة بين الدولة والقبيلة، بانتصار هذه الأخيرة؛ وذلك عبر منهج مزدوج الاتجاه: ت