ثلاثة تكبلنا / الولي سيدي هيبه

-A A +A
أحد, 2017-04-09 13:21

كلما تأملت فيما نأكل من مشتقات الحبوب (قمحا و شعيرا و ذرة و غيرها كالأرز حتى) و من زيوت النباتات على اختلافها (زيتونا و فستقا و عباد شمس و غيرها) و كل الفواكه (موزا و تفاحا و برتقالا و رمانا و عنبا و غيرها) أيقنت أننا بلا استقلالية عن إنتاج غيرنا التي هي من أسباب قوته و علو مكانته

 و استتباب أمنه و رغد عيشه و سر منعته... و كلما أمعنت النظر فيما نلبس لستر عوراتنا و ما ننتعل و ما نتغطى به و نحتمي عن لفح الرياح و البرد و الشمس أيقنت بمرارة أننا شعب يستتر بخيوط قماش الآخرين و قد صنعوها و خاطوه بعقولهم و أناملهم و ضمائرهم التي تحب الاكتفاء بالذات... و كلما رأيت أن ما نركبه من سيارات و غيرها و ما نبني به بيوتنا من إسمنت و حديد  و ما نستهلكه من لوازمها من وسائل كهربائية و أدوات أخرى يأتينا كله من الخارج لا نصنع منه أدناه أيقنت أننا في الدرك الأسفل من التخلف و أن الذي يطوقنا هو البله و أن لا مبالاتنا تعمينا عن قاتم مستقبلنا..

و كلما رأيتنا نضحك كالخب السعيد و يبدد بعضنا خيرات البلد بلا حساب أيقنت أننا شعب مسكين تكبله ثلاثة.. سيئ ميراث الماضي ... نفاق و تملق الحاضر.. و عمى المستقبل. ضعف الطبع و غياب الطباعةعجيب أمرنا.. ندعي العلم الخارق و المعرفة الجامعة المحيطة بتبجح مرضي خطير استحسناه حتى أصبح انطباعا عالقا في الأذهان و اعتقادا شديدا فيما يعتريه ضعف يفقأ العيون في واقع الحال العام.. و لا وجود في طول الوطن و عرضه لدور طباعة تقوم على طباعة و نشر عصارة هذا الرصيد المذهل نظريا.. و لا أثر لمكتبات لائقة تحتوي هذا النشر و تتيحه للقراء من طلبة و باحثين و مهتمين بالعلم و الثقافة حتى يطلعوا عليه و ينهلوا منه...

تناقضات من صميم عقلية الماضي القريب لهذا البلد بختم "السيبة" التي هيأت ذات مرة من أهل العلم للهجرة إلى المغرب الأقصى من حيث نهلوا أول وهلة، و إلى المشرق حيث ردوا بنضج أكثر ما كان جاءهم منه أول مرة كذلك كأمهات كتب المدارس المالكية و لا ذكر لنا فيها (المدرسة المدنية و المصرية و العراقية و المغربية و الأندلسية)؛ كتب هي في مجملها مختصر خليل و ابن عاشر، و ، و نص المنهج، و ابن الحاجب و القاسم و أشهب، ثم ألفوا على أنساقها و وضعوا مستنسخات للتميز في التسهيل لا للزيادة في المتن أو النقصان بحسب مقتضيات فقهية، كما كتبوا الشعر على البنية الجاهلية للمعلقات على و من بعد على ما صلهم من الشعر الأموي فالعباسي فعصر النهضة لتصحيح آثار عصر الانحطاط و التي حضر بعضهم تشكل بداياتها. أفلا نتواضع قليلا و ننهل كثيرا من عند غيرنا الذين سبقونا بتواضع و رضا نفس و طبع سليم و سعي حثيث إلى بناء صرح مطبعي عمومي و خصوصي لطباعة منتوجنا العلمي و نشره و توزيعه...

و أما غير هذا فرياء و خواء هراء.مر الواقع... ذر الرماد في العيون؟و تتواصل الأنشطة النظرية بكثافة في عملية ذر رماد الجد الكاذب في عيون التخلف المطبق حول القضايا كل الثانوية التي لا تشفع بالإعمال التطبيقية المؤثرة في عملية التطور و التحول و الالتحام بمركبة العولمة و الاصطفاف إلى منطق التطور و العلم و العمل البناء... أنشطة تلبي بالأساس مطالب الدول الغربية و تنتزع من البلدان المتخلفة أوقاتا ضرورية للالتفاف على أسباب التخلف... و هي الأنشطة كذلك التي لا تفيد في معالجة قضايا التأخر العلمي و الاقتصادي و التعليمي و الصحي لأنها تَرَفُ الآخرين بعدما أمنوا لأنفسهم أسباب الراحة العقلية بإكتمال متطلبات الرفاه الثقافي الفكري في حضن المادي المؤمن...

وقت ثمين يضيع في قاعات الفنادق المكيفة و بين استراحات القهوة و المكسرات إن لم تكن الوجبات الدسمة... و عندما يخرجون بعد اكتمال النشاط الكلامي الورقي المصور يتكشف لهم الواقع الأليم فينكرنه.. فوضى المواصلات، عبث المارة إلى غير هدى في أتون غياب معالم المدنية و التحضر... بداوة طافحة في الكلام و المعاملات و غياب ختم الوطن على أي من أوجه الحياة العصرية.. لا طرق تفي بمتطلب انسيابية الخردة الأروبية و الخليجية... لا أسواق تغص بالمنتوج الوطني و لو في توفير أبسط الحاجات... ولا .... و لا .... و لا...   و في الغد يعلن عن موجة جديدة من الأنشطة تمولها جهات أجنبية  حول قضايا نظرية...

و تتكرر ذات المأساة ؟الدجاج المستورد بين السدل و القبضنعلم و لا نريد أن نسمع أو نعرف أن اللحوم البيضاء المستوردة ـ في حل من وخز الضمير الديني و عم عن الوازع الأخلاقي ـ على أيدي تجارنا بترخيص إدارتنا و مباركة جماركنا من البرازيل و غيرها من الدول التي يعتبر تصدير اللحوم الحمراء و البيضاء منها أحد ركائز اقتصادها، تشكل خطرا عظيما على صحة أهل هذا البلد المعتلة في الأصل بما ثبت من تسمين هذه الطيور بمركبات عضوية مسرطنة و مسببة لأنواع كثيرة من الأمراض؛ مركبات يتم إطعامها الدجاج و البط و الإوز بالحشو الميكانيكي القسري.

و نعلم و لا نريد أن نعرف أن مابين حرمة هذه اللحوم ـ التي تسافر شهورا عبر المحيطات ـ للإمتناع  العرضي عن أكلها وجوبا و بين تحليلها العرضي لتناولها حلالا من عند أهل الكتاب أو ذبحها بيد"الإنسان الآلي المسلم" لا يساوي في المسافة في الذهن و العمل أكثر من المسافة بين مسألة القبض و السدل...

يُسدل للوفاق مع الآخذين به وجوبا و يبسط لذات الوفاق مع المُحذرين من سواه لمخالفته الشرعية البينة.