دير الزور على مشارف نهاية الحرب في سوريا

خميس, 2017-09-07 08:53

أزفّت معركة تحرير دير الزور في سياق التحضير الطويل لتحوّل استراتيجي يتجاوز الانتصار في معركة لاستعادة المدينة المحاصرة. فدير الزور الملقبة بعروس الفرات أو صدره وبستانه، هي من أكبر المحافظات السورية مساحة وأغناها بموارد الطاقة وبالثروات الطبيعية وخصوبة الأراضي والمياه والغذاء.

لكن موقع المحافظة الجيو ــ سياسي هو الأهم في معركة تحريرها، لأنها مفصلية في معارك الحدود التي يتوقف عليها المحافظة على وجود سوريا الجغرافية ولأنها مفصلية أيضاُ كمعصم اليد حول قلب الداخل السوري من تدمر والبادية إلى حمص وحماة.

المعارك التي خاضها الجيش السوري وحلفاؤه على مدى أكثر من سنتين في سوريا الوسطى والبادية، كانت كلها تمهيدية للوصول إلى تحرير دير الزور. وفي ثنايا هذه المعارك لتحقيق الهدف تجاوزت موسكو التفاهم الروسي ــ الأميركي بعد أن خرقت واشنطن التفاهم في تعطيل وقف الحرب ومسار الحل السياسي بين آستانة وجنيف عبر العودة إلى حديث "المرحلة الانتقالية من دون الأسد". فالإدارة الأميركية تحاول ما أمكنها ذلك، لتغيير المعادلات وبالتالي تحقيق أمانيها في سوريا، الإمساك بطرف الخيط في دير الزور بدعوى مكافحة الإرهاب. وفي هذا السبيل راهنت واشنطن على أحمد الجربا وعشائر النقارة وعلى مجموعات الأردن، وحاولت إعاقة تقدم الجيش السوري وحلفائه في قصف جبل ثردة للدلالة على حصرية مجالها الجوي فوق دير الزور.

في مسار معاكس تستكمل موسكو مع حلفاء الجيش السوري نقطة التحوّل عن التفاهم الروسي ــ الأميركي ابتداء من دحر فلول "داعش" في تدمر للمرة الثانية. وفي هذا الاتجاه تقدّم الجيش السوري وحلفاؤه إلى بلدة السخنة بهدف تحرير دير الزور على المدى الأبعد وتثبيت المعادلات الميدانية ونتائجها في سوريا. فمن محور السخنة ــ البادية يتقدم حلفاء الجيش السوري من أربع جهات، تحت غطاء جوي سوري ــ روسي وتحت غطاء عسكري استراتيجي روسي عبرت عنه موسكو في إطلاق صواريخ "كاليبر" المجنحة من فرقاطة "الأميرال إيسن" للدلالة على إصرار حسم التحرير.

غرفة عمليات قوات حلفاء الجيش السوري أكّدت على الحسم وطابعه الاستراتيجي، طريقاً لنهاية الحرب في سوريا. وفي هذا المنحى نفسه أبرق أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني وهنّأ الرئيس السوري بشار الأسد ضباط وجنود معركة دير الزور كما هنّأ وزير الخارجية الإيراني الشعب السوري بتحرير دير الوزر. لكن الرئيس الروسي تطرّق إلى التفاصيل في ختام قمة "بريكس" تناول فيها خريطة طريق انتهاء الحرب في سوريا، بناء على الصورة التي ترسمها عملية تحرير دير الزور.

معركة التحرير تحسم، بحسب بوتين، إمساك الحكومة السورية بمفاصل الجغرافيا السورية ومصيرها السياسي. وعلى هذا الأساس  يدعو "فور انتهاء العملية العسكرية في دير الزور" إلى إطلاق العملية السياسية في آستانة "لتثبيت مناطق خفض التوتر"، وفي جنيف لإقرار الأمر الواقع ووقف الحرب إذا كانت "المعارضة السياسية" مستعدة للمشاركة في إعادة البناء بحسب معادلات نتائج الحرب. وفي مقابل المساعي السياسية لنهاية الحرب، يأمل بوتين "في استكمال شركاء روسيا عمليتهم العسكرية ضد "داعش" في الرقة. ففي إشارته إلى معركة عسكرية لحلفاء الجيش السوري في الرقة، يصوّب في أغلب الظن، على إدارة ترامب لوضعها بين خياري وقف الحرب أو الميدان.

وفي إشارته إلى مناطق خفض التصعيد، لا شك أن بوتين يرفع البطاقة الصفراء أمام تركيا في إدلب إما أن تلتزم بالتفاهم الروسي ــ التركي لدحر جبهة النصرة، أو تتفرّج على تحرير المدينة على خط التماس. أما في إشارته إلى جنيف فهو ربما يغمز من قناة فرنسا التي تتخيّل أن الهروب إلى الأمام في الأمم المتحدة، يفسح في المجال للديك الفرنسي من الصياح وراء الأكمة. لكن اللعبة انتهت في سوريا كما يعبّر روبرت فورد، فالمكابرة المتورمة تستغرق لبرائها من الوهم بعض الوقت.

قاسم عز الدين- الميادين نت