نعيق الباحثين عن "ترقية" في شبكات الفساد العابر للحدود

-A A +A
ثلاثاء, 2018-04-24 16:28
عبد الله يعقوب حرمة الله

أحسن ما يخضب الحديد به    وخاضبيه النجيع والغضب

فلا تشيننه بالنضار فما        يجتمع الماء فيه والذهب

المعلم أبو الطيب المتنبي 

شهدت نهاية العقد الأول من القرن الحالي، تمكن الدولة الموريتانية من قطع علاقات اليد الممدودة وإبدالها بعلاقات الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. 

تدحرجت ملفات الإغاثة المتراكمة منذ الاستقلال من الحيز الدبلوماسي إلى فسحة قانون الميزانية وأصبحت الدولة الموريتانية هي المسؤول الأول والأخير عن فقرائها وعابري السبيل على أراضيها، واستعادت مروءتها المفقودة.

في الأسبوع الأخير من شهر مارس 2014، كان قائد الأمة الموريتانية فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز في حوار مباشر مع الشباب الموريتاني كرس لبحث مشاكله ومكانته في الاقتصاد الوطني والمشهد السياسي.

أخذ الدرس الديمقراطي زخرفه وازين بإعلان وثقته عناوين كبريات الصحف العالمية لندرته في حياة الأمم: "موريتانيا، لم تعد من بين الدول الأكثر فقرا".

كان إعلانا بطعم الامتنان لخروج موريتانيا من فاقة وضعيتها السابقة كبلد من بين الخمسين الأكثر فقرا في العالم. 

لقد أصبحت منذ العام الثالث بعد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، من بين الدول المصنفة ذات الدخل المتوسط، بفضل النتائج التي تحققت في مجال محاربة الفقر والفساد والرشوة، وبفضل خياراتنا الاقتصادية وسيادة الحكامة الرشيدة في حياتنا العامة:

تحسنت الموازنة الخارجية التي بلغت في نفس العام 1.2 مليار دولار كسابقة في تاريخ البلد بعد أن تعودت الهبوط إلى ما تحت المائة مليون دولار.

بفعل التغيرات المناخية وحدة تأثير الاحتباس الحراري في العام 2018 بالذات، اندلع صراع كوني بين وطأة المناخ وشح الموارد أجبر خبراء المناخ والهيئات الدولية المختصة في مجال التغذية على الاعتكاف في كبريات العواصم العالمية لمحاولة فك طلاسم خلل انتظام الأمطار وضعف وتيرتها وانعكاسها المباشر على المحاصيل الزراعية والتنمية الحيوانية في شمال وغرب إفريقيا.

 تحولت المنطقة إلى مسرح للصراعات العرقية بسبب قلة منسوب المياه  وتراجع المساحات المزروعة؛ ولاستتباب الأمن تدخلت جيوش نظامية لوقف هدير الدم بعد عجز الحكومات عن مواجهة الإختلالات عبر برامج تنموية تسعف المواطن وتضمن التوازن الضروري بين محدودية الموارد والضغط الديمغرافي وزحف التصحر.

في موريتانيا، تنفذ الدولة منذ بضع سنين على مواردها الذاتية أكبر وأضخم برنامج اجتماعي في الساحل والصحراء يشمل توفير المواد الأساسية للطبقات الفقيرة دون تمييز وبأسعار رمزية، اتسع نطاقه في العام 2018 ليشمل أعلاف الحيوانات.

بوجوه الفولاذ وحماس الجلمود تسلل إلى حياتنا العامة في لحظة مسروقة من الزمن "وزراء" الصورة التذكارية، بعد اكتمال نسق صراعهم الصامت لتبرير وجودهم خارج مسار ذكريات الطوى.

من السب فتلوا حبال الكذب، ومن وطأة الأنين اليومي  صنعوا خطاب جهالة جهور ومن فقر اللغة وشح الصواب حقدا اكتسح وسائل نشر الضغينة.

لا أحد يذكر لهم تناوبا في المشهد ولا سلطة في مرتع الأخلاق. شاخوا في العمالة للأجنبي وبرعوا في أكل مال اليتيم: من جمع الصدقات تحولت حياتهم إلى فلكلور الأعراس ومن التهريب شيدوا أوكارا للفساد العابر للحدود.

في كتشهم الهزيل معلقون وعلى أدوار الشر يتنافسون. لا بعير لهم في قافلة الكبرياء.

ابحثوا عن "ترقية" في شبكات الفساد العابرة للحدود، أو عن قوت أكثر شرفا: من تقشير الحوت أو تقسيط مواد التجميل.

الحياة العامة تحتاج من يفهم في الشرف والوطنية والتاريخ وتوازنات الميزانية والإدارة وقانون المرور؛ والكسب الحلال.

عبد الله يعقوب حرمة الله