موسى فال: موريتانيا تراجعت خلال هذه الفترة حسب كل معايير القياس لتقييم السياسات العمومية (مقابلة)

-A A +A
اثنين, 2014-10-27 14:08

قال السياسي المعروف وعضو رئاسة المعارضة الموريتانية موسي أفال إن موريتانيا مقبلة على أزمة قاتصادية خطيرة ، وقال موسى أفال في مقابلة مع وكالة أنباء "الطواري"، إن أسعار الحديد تراجعت من 187.2 دولار للطن عام 2011 إلى 82.3 دولار للطن خلال نهاية شهر سبتمبر الماضي.

وقال إن السمك، الذي يحتل المركز الثاني في الصادرات الوطنية، انخفضت أسعاره هو الآخر فبعد أن وصل سعر الأخطبوط إلى 14000 دولار للطن خلال سنة 2011 ، ها هو يصل إلى أزمة التسويق التي يعيشها اليوم.

وبخصوص ذهب تازيازت، قال موسى أفال "فقد تراجع سعره في نفس الفترة من 1900 دولار للأونصة إلى 1245 دولار تقريبا اليوم، وهو ما نتج عنه توقف المشاريع التوسعية لهذه الشركة وتقليص نشاطاتها.

وزعم القيادي المعارض أن "معظم الشركات العاملة في مجال النفط قررت الرحيل، وتوقفت كل عمليات التنقيب والبحث التي كانت نشطة في الحوض الساحلي وفي حوض تاودني والتي كانت تجلب مستوى عال من الاستثمار الأجنبي المباشر وتضخ مبالغ هامة من العملة الصعبة".

وأضياف "كما أن إنتاج بئر شنقيط يعاني في نفس الوقت من تراجع أسعار النفط ومن ضعف الانتاج (6000 برميل لليوم)".

وقال "بالموازاة مع ذلك، فقد استفادت ميزانية الدولة من مداخيل استثنائية خلال نفس الفترة: 50 مليون دولار منحتها المملكة العربية السعودية و200 مليون دور القادمة من ليبيا والتي جرى الكثير من اللغط حولها، وكذلك العمليات الجبائية الخاصة التي تعرضت لها بعض المؤسسات وهي كلها موارد غير متوقعة اصلا وغير متجددة".

وأضاف "لقد تراجع البلد خلال هذه الفترة حسب كل معايير القياس لتقييم السياسات العمومية. فبخصوص مؤشر التنمية البشرية، تراجعت موريتانيا من المرتبة 154 خلال سنة 2008 الي 161 خلال السنة الجارية".

 

موسي فال : منذ الانتخابات الرئاسية الاخيرة والبلد يعيش حالة من التوقف والسباة وحالة من عدم وضوح الرؤية يحسها الجميع. وهناك سؤال ملح علي كل الشفاه حول ما سيؤول إليه الوضع غدا.

حتي أن هناك الكثير من المراقبين يتحدثون عن دخول البلد في مرحلة نهاية حكم، ويقدمون أسبابا لذلك :خطاب شعبوي وصل اقصى حدوده و لم يعد يقنع أحدا.. أوهام وأحلام تبددت بسبب سوء التسيير والمحسوبية و الفضائح من كل نوع.. ازمة سياسية مزمنة لم تجد حلا.. نقص حاد في مستوي الأمطار.. الفقر، الحرمان، البطالة، الإرتفاع المستمر للأسعار وذلك رغم كل الوعود.

ضف إلى ذلك المشاكل المجتمعية الخطيرة التي لا تجد حلا والتي تشكل تربة خصبة للتطرف الذي يهدد المجتمع.. هذا مع غياب الأمن المزمن في المدن الكبرى، ومع محيط موبوء بسبب عدم المسؤولية في تسيير قضايا الصحة و النظافة العامة (تسيير عقد بيزورنو)، ومؤسسات فاقدة للمصداقية والتمثيل، بعضها يسير خارج القانون، وتراجع واضح في الحالة الاقتصادية مما أدي الي تعرية التسيير العشوائي لولد عبد العزيز .

الطواري : البعض يتحدث عن أن هناك أزمة اقتصادية في طريقها إلينا في الاشهر المقبلة ؟

م

أما النظام التعليمي والصحة فإنهما لم يشهدا أي تحسن، بل بالعكس من ذلك شهد تراجعا ملحوظا. كما أن النسيج الاقتصادي قد تفكك بسبب التدخل الفوضوي للدولة في القطاع التجاري والحرب الانتقائية التي تقوم بها السلطة ضد المقاولين الخصوصيين.

لقد تفاقمت عدم المساواة والتمييز الاجتماعي، اللذين يشكلان خطرا حقيقيا على البلاد، بفعل ممارسات السلطات العمومية التي توظف، إضافة الى ذلك، الخصوصيات القبلية.

لقد شاهدنا تبديدا غير مسبوق للموارد والثروات الهائلة التي حصلت عليها البلاد خلال السنوات الماضية. وهناك عدة طرق لتبديد موارد الدول: فهناك الاختلاس المباشر، وهناك الرشوة، وهناك نفخ الفواتير، وهناك تبذير الموارد العمومية وهناك سوء استخدامها.

ولنتوقف عند هذه الحالة الأخيرة، ذلك أن ما يميز تسيير ولد عبد العزيز هو سياسته الاستثمارية. فالسياسة الاستثمارية الجيدة يجب أن تنبع من إطار استراتيجي للتنمية معد من طرف خبرات مؤهلة وبعد مشاورات موسعة، ويجب أن يحدد هذا الاطار الاستراتيجي الاولويات لكل قطاع. وهذه الاولويات يجب أن تبلور في تحديد مشاريع، وهذه المشاريع يجب أن تكون موضع عدة دراسات: فنية لإمكانية تنفيذها وتحديد حجمها وجدواها الاقتصادية والمالية والاجتماعية وتأثيرها البيئي. وفي مرحلة ثالثة، يجب أن يحاط أي مشروع بالضمانات الضرورية لإنجازه حسب المقاييس المثلى للمشاريع: إعداد ملف مناقصة مع دفتر التزامات محدد، اختيار مكتب دراسات لضمان مراقبة جيدة واحترام المواصفات المحددة أثناء التنفيذ، اختيار شركة منفذة بعد منافسة فنية و مالية شفافة، على أن تكون هذه الشركة تتوفر علي المؤهلات و الخبرة لتنفيذ الاشغال المطلوبة.

إن أي مشروع يتم تنفيذه بطريقة غير سليمة يعتبر بالوعة لا نهاية لها، وفي أحسن الأحوال، تبديدا عبثيا للأموال. ان السياسة الاستثمارية المتبعة خلال السنوات الاخيرة تعتبر أكبر كارثة عرفها وسيعرفها اقتصادنا، وسيتأثر لا محالة من انعكاسات تسييرها والتعامل معها. لقد تم صرف مبالغ طائلة (اكثر من مائة مليار سنويا) في مشاريع منفذه حسب الأهواء، وبصورة مرتجلة، وبدون أي دراسة أو رقابة من جهة ذات كفاءة، ومن طرف مؤسسات غير مؤهلة. و هذه المشاريع توجد في كل القطاعات: الطاقة والطرق والمطارات والعمارات، المنشآت المائية والزراعية المنجزة بصورة عشوائية غير متقنة، الخ.

ان نتائج هذه السياسات، بالإضافة إلى تراجع أسعار صادراتنا، تنذر بوضعية اقتصادية صعبة للغاية. و اذا لم تحدث معجزة، فان هذه الأزمة ستتفاقم لا محالة، وقد أخذت تؤثر على الدعائم الأساسية لاقتصاد البلاد، وليس ذلك إلا البداية.

فاحتياطي العملة الصعبة يواجه ضغطا كبيرا، وحالة الخزينة تسوء يوما بعد يوم، ونسمع عن متأخرات في تسديد الالتزامات تجاه المؤسسات العمومية و مؤسسات الاشغال، وهناك اتجاه نحو تقلص العائدات، خاصة ارباح "اسنيم" التي ستعرف تراجعا كبيرا.

ولا يستبعد أن تواجه هذه الشركة، بدورها، مشاكل جمة نتيجة للاستغلال المفرط وغير المعقلن لمواردها من طرف السلطة الحالية في أغراض لا تمت لنشاطاتها بصلة.

مقابل ذلك، سيكون من الصعب تقليص المصروفات بسبب تعدد المؤسسات والهيئات العمومية التي أنشأت خلال السنوات الاخيرة، والدفعات المستحقة والمترتبة على تنفيذ المشاريع التي هي في طور الانجاز، والانفاق الذي تتطلبه "المشاريع الكبرى" التي هي غير منتجة بطبيعتها. وهكذا، فإن الصعوبات التي ستعرفها الخزينة العامة ستؤدي، في الأمد المنظور، الى شل مجمل النشاط الاقتصادي في البلاد مما سينجم عنه، مجددا، خلل في التوازنات الاقتصادية الكبرى.

الطواري: لكن البعض يري أن اخفاقات النظام توازيه اخفاقات المعارضة في فرض التغيير السلمي و في إعطاء أي حلول للمشاكل انتم تنتقدون فقط كما يقول البعض ؟

موسي فال : هذه هي الحجة التي يقدمها البعض ليبرروا مواقفهم السلبية، دون كبير عناء.

كما تعلمون، في الحياة يوجد فاعلون يتصارعون.

وهناك مشجعون يساندون هذا الطرف أو ذاك.

ولكن الذين يساوون الطرفين في الإدانة قد يقولون أشياء لا تأثير لها على ما يدور في البلد.

إننا نطلب منهم فقط، قبل أن يصدروا أحكامهم، أن يجيبوا علي الاسئلة التالية : هل المعارضة هي من قام بانقلاب 2008 الذي أدي الي الأزمة السياسية الحالية ؟ هل المعارضة هي التي تواصل اختطاف السلطة وتسير البلاد بشكل انفرادي وسيئ ؟ هل المعارضة هي المسؤولة عن الفساد الذي يقام به على نطاق واسع في البلد ؟ وهل المعارضة هي المسؤولة عن ضعف الأداء الذي تعرفه البلاد مقارنة مع البلدان الأخرى ؟ إن من يريد أن يصدر حكما ذا قيمة أو معنى عليه أن يقوم أولا بتحديد المسؤوليات بصورة موضوعية.

الطواري : يقول البعض إن المعارضة الراديكالية تتكون أساسا من بعض المتباكين علي الماضي وأنهم هم من أوصلوا البلد الي ما هو فيه اليوم بسبب الفساد ما هو ردكم ؟

موسي فال : هذه معزوفة ممجوجة لا تجد من يصدقها. فكيف يمكن أن نطلق هذه الصفة على قادة أهم أحزاب المعارضة ؟ لنأخذهم واحدا تلو الاخر، وسنلاحظ أن معظمهم لم يتول أي مهمة في الدولة طيلة حياته، وأن الذين شاركوا في تسير الشؤون العامة لم يتقلدوا أي وظيفة منذ 36 سنة، وكان ذلك في فترة قاعدتها الأساسية هي الاستقامة واحترام القيم. وفي المقابل، لا يمكننا إلا أن نستغرب من مدى جرأة من يقفون وراء هذه المقولات، خاصة عندما نعرف انهم، منذ العام 1985، يتقلبون في الدوائر الأمنية العليا في البلد، و قد اعترفوا، في أول تصريح لهم، كما قيل، أنهم يمتلكون أكثر من 4 مليارات من الاوقية.

ولنا أن نتساءل كم اصبحت تلك الثروة اليوم ؟ نحن متعطشون لمعرفة ذلك خاصة أن القانون يفرض ذلك ، الا أن الحكام الحاليين لا يقيمون أي وزن للقانون.

الطواري: هل تتخوفون من أنه في حالة عدم حدوث توافق الكتل السياسية الرئيسية في البلد فان موريتانيا تتجه إلى تغيير غير سلمي ؟

موسي فال : بكل تأكيد، وهذا هو سبب تحركنا. إننا نعي أن الأنظمة الأحادية لم تعد مقبولة في عالمنا اليوم. وقد عملت الفترة الانتقالية 2005-2007 على أن تضع حدا نهائيا لمثل هذه الأنظمة.

وبالتالي فان انقلاب 2008 هو بمثابة هزة ارتدادية لا يمكن أن تدوم.

ولا شك أن مصلحة البلد تقتضي أن تتم القطيعة مع الأحكام التسلطية بشكل سلس، الا أن ذلك يتطلب حكما ذا بصيرة ونظرة بعيدة.

ونحن نسعى دائما إلى إيجاد مخرج من الأزمة يكون سلميا وتفاوضيا وتوافقيا، وندعو لذلك.

الطواري : علي ذكر الحلول ما هي شروطكم لقيام أي حوار ؟

موسي فال : إن شرطنا الأساسي هو أن تخرج موريتانيا نهائيا من قبضة الأنظمة الفردية. و هو ما يقتضي إيجاد مخرج توافقي من الأزمة التي نعيشها .وفي الوقت الحالي لا نري أي نية صادقة لدي ولد عبد العزيز السير في هذا النهج. قد يكون لا يشعر بدرجة الخطورة التي وصلت اليها الأزمة التي يعيشها البلد.

الطواري : هل المعارضة منسجمة فيما بينها ؟

موسي فال : اليوم، ومنذ انشاء المنتدي، فإن انسجامنا أقوي من أي وقت مضى. وأن الإرادة الواضحة لدى الجميع هي صيانة هذه الوحدة في وجه كل العواصف.

الطواري : كيف تفسرون أن بعض مكونات المنتدى يستفيدون من النظام بشكله الحالي (نواب و عمد ....) والبعض الاخر يقاطع كل الهيئات المنبثقة عن هذا النظام ؟ بمعني آخر هل تثقون في حزب تواصل علي سبيل المثال بما فيه الكفاية في تطبيق ما يتم التعاهد عليه؟

موسي فال : نحن لا تزعجنا في شيء مشاركة حزب تواصل في الهيئات البرلمانية والبلدية. هذه المشاركة نابعة من خيار خاص بهذا الحزب.

وكان قد أبلغ بها في حينه منسقية المعارضة الديمقراطية .ونحن لنا سجل حافل من التعامل مع حزب تواصل.

وقد سلكنا طرقا مختلفة في بعض الأحيان ولكل منا مبرراته التكتيكية الخاصة به.

وفي فترات التلاقي نعترف لهذا الحزب بأنه شريك ملتزم ووفي وله مناقب جمة تتمثل في اسهاماته النوعية في النقاشات، ومواقفه واقتراحاته الصائبة والتزامه في العمل.

الطواري :ما هو موقفكم في مجال القضايا الاجتماعية و المطالب الفئوية التي كثرت في الآونة الاخيرة ؟

موسي فال : هذه الحركات تحمل، في غالبيتها، مطالب مشروعة. إنه على المجتمع أن يتطور من أجل أن يكون مجتمعا عصريا، كما عليه أن يتحرر ويخلق الظروف التي تضمن العيش المشترك ضمن المساواة في الحقوق لكل المواطنين مهما تكن اعراقهم أو أصولهم الاجتماعية. إن الاصلاحات المطلوبة يجب أن تكون موضع حوار خال من العاطفة ويشمل كافة مكونات البلد من أجل التوصل، بكل موضوعية وانصاف، الى حلول عادلة وتوافقية ودائمة. تلكم هي الشروط الضرورية لكي تكون هذه الحلول دائمة ومفيدة بالنسبة للجميع دون المساس بأي من مكونات شعبنا.

الطواري : ما هي توقعاتكم فيما سيؤول إليه هذا الحراك ؟

موسي فال : هذا الحراك مؤطر، بالنسبة للبعض منه، من طرف رجال و نساء مسؤولين ووطنيين، وتجب مساعدتهم و دعمهم للقيام بالإصلاحات المجتمعية العادلة.

ذلك أن تجاهلهم والإعراض عنهم بصب في صالح تشجيع التيارات المتطرفة التي يمكن أن يقود عملها البلاد إلى الفوضى، وذلك ما يجب تفاديه بأي ثمن.

الطواري : شكرا لكم