ملامح مآلات «صراع المرجعية» في قيادة الحزب الحاكم (قراءة في المشهد)

-A A +A
ثلاثاء, 2019-11-26 13:01

 لم تشهد موريتانيا، في تاريخها السياسي المعاصر، تجاذبات و"مناوشات" سياسية كالتي تعيشها اليوم بفعل الحراك المفاجئ وغير المحسوب، فيما يبدو، الذي أطلقه رئيس الجمهورية السابق محمد ولد عبد العزيز فور عودته للبلد بعد رحلة خارجية بدأها غداة تنصيب خلفه و"رفيق دربه" ومرشحه لرئاسيات يونيو الماضي؛ محمد ولد الشيخ الغزواني رئيسا الجمهورية مطلع شهر أغسطس الماضي.

فعلى الرغم من اندفاع ولد عبد العزيز بكل قوة وحماس في دعم حملة ولد الشيخ الغزواني ودعواته العلنية الصريحة من موقعه في أعلى هرم السلطة الموريتانيين للتصويت لهذا الأخير وضمان فوزه في الجولة الأولى من الاقتراع الرئاسي، إلا أن دخوله، بأسلوب سلطوي أقرب ما يكون إلى الاستخفاف بموقع ومكانة من بات صاحب الأمر والحاكم الفعلي والشرعي للبلد؛ خلط جميع الأوراق وأحدث هزات سياسبة عنيفة داخل أوساط الأغلبية التي كان يستند اليها طيلة عشريته في السلطة، وأصبحت الدعامة السياسية لخليفته الذي اختاره بنفسه؛ ظاهريا على الأقل.

أغلب المحللين والمراقبين المتابعين لتطورات المشهد السياسي الراهن على مستوى الحزب الحاكم والأغلبية الداعمة لرئيس الجمهورية عموما؛ لا يخفون دهشتهم واستغرابهم لموقف ولد عبد العزيز غير الودي تجاه ولد الشيخ الغزواتي الذي طالما أعلن أن علاقته به تتجاوز مجرد الصداقة الشخصية والزمالة المهنية والفرقة في السلاح..

ويجمع هؤلاء على اعتبار تحركات ومواقف ولد عبد العزيز محاولة للتشويش على المناخ التصالحي غير المسبوق الذي نجح خلفه في خلقه عبر إعادة بناء جسور الثقة وإحياء نهج التشاور بين السلطة والمعارضة؛ لدرجة أن ألد خصوم نظام ولد عبد العزيز باتوا، اليوم، في طليعة المشيدين بأسلوب ولد الشيخ الغزواني في الحكم ويصطفون إلى جانبه مع أقرب الموالين له للتصدي لمحاولات التشويش التي تصدر عن الرئيس السابق بهدف خلق جو سياسي مضطرب وإعاقة مسار الإصلاح والتصالح الوطني الذي أطلقه الرئيس الجديد.

طرح يبدو أن مستجدات الحراك السياسي الراهن تدعمه على كل الأصعدة وفي مختلف الأوساط بما فيها تلك المشهود لها بالولاء المطلق لولد عبد العزيز أيام وجوده في السلطة على الأقل..

من ذلك صدور بيان من الوزير الاول الأسبق يحيى ولد حدمين يعلن فيه دعمه لولد الشيخ الغزواني ونأيه بنفسه عن حراك ولد عبد العزيز الحالي، ومطالبة النائب الدان ولد عثمان بالعمل على استرجاع الأموال التي قال إن ولد عبد العزيز نهبها؛ فضلا عن تغريدة رئيس الحزب الحاكم في عهد ولد عبد العزيز، سيدي محمد ولد محم التي يعلن فيها استعداده للتصدي لولد عبد العزيز إن لم يوقف مساعيه الراهنة.

وبموازاة هذه المواقف والمتغيرات السياسية الجذرية، غصت صفحات شبكة التواصل الاجتماعي بحملة واسعة تطالب بوقف مساعي الرئيس السابق وتدعو الرئيس ولد الشيخ الغزواني لاتخاذ "إجراءات حازمة" لمنعه من إحداث أزمة سياسية في الأشهر الأولى من مأمورية الاخير.