بعض ملامح انتصار سورية

أربعاء, 2014-12-24 08:58
عماد

غم مكابرة واشنطن وإصرارها، حتى الآن، على عدم التعاون مع الدولة السورية في مكافحة الإرهاب، إلّا أن فشل “الكومبارس” على المسرح السوري سياسياً وعسكرياً يجعلها في نهاية المطاف تنزل عن الشجرة، وتحاول الخروج من مستنقع الإرهاب، بعدما تحوّل الفكر الوهابي التكفيري إلى غول يهدد أمن العالم، وثقافة تغزو الغرب بما فيه الولايات المتحدة الأمريكية.فعلى مدار أربع سنوات خلت حاولت الإدارة الأمريكية إخضاع سورية وإلحاقها بمعسكر الاعتلال العربي، مستفيدة مما سمي “ربيعاً عربياً”، وما آل إليه من إسقاط للأنظمة في مصر وتونس وليبيا، وعملت على تكرار السيناريو ذاته في سورية، إلا أن الرياح سارت بعكس ما تشتهي أمريكا وإسرائيل والمستعربون والعثمانيون الجدد، فسقط مجلس اسطنبول بـ “نعية” من هيلاري كلينتون، وتبعه ائتلاف الدوحة، الذي فضحه مؤتمر جنيف2، وأكد أنه ألعوبة بيد داوود أوغلو وروبرت فورد.

وفي الميدان، حاولت الإدارة الأمريكية تبرير عبثها بأمن سورية وزعزعة الاستقرار فيها من خلال ما أسمتها “معارضة معتدلة” ممثلة بميليشيا “الجيش الحر” والمسميات الأخرى للمجموعات الإرهابية المسلحة، وهذه أيضاً ما أن وصل المد التكفيري إلى المناطق التي تتواجد فيها حتى سارعت إلى الانضمام لـ”داعش” أو “النصرة”، والأول نسخة مشوّهة عن تنظيم القاعدة الإرهابي والثاني فرعه الإجرامي في سورية، وكلاهما اضطرت أمريكا إلى وضعهما على لائحة الإرهاب الدولي أمام ضغوط الرأي العام العالمي، الذي شاهد بأم العين المجازر التي ارتكبتها تلك المجموعات بحق الشعب السوري، وباتت مخاطرها تهدد الدول التي موّلتها وقدّمت لها كل أشكال الدعم لتنفيذ المخطط التدميري في المنطقة.بالمقابل فإن إنجازات الجيش العربي السوري في الميدان، وتصاعد وتيرة المقاومة الشعبية في أكثر من منطقة، نبل والزهراء وعين العرب مثال على ذلك، واتساع رقعة المصالحة والمسامحة، والتفاف الشعب حول جيشه وقيادته السياسية، كان لهم الدور الأساس في فضح المخطط الصهيوأمريكي وإفشاله، ولا نغالي إذا قلنا: إن صمود سورية جنّب الأمة مخاطر الغرق في حروب طائفية ومذهبية لعقود قادمة، وهي في الوقت ذاته بعض الملامح لانتصار سورية على الحرب الكبرى التي تُشن ضدها.

جملة ما تقدّم جعل الغيورين على الأمة وعروبتها، من مثقفين ومفكرين وإعلاميين ورجال دين وسياسيين، يشحذون الهمم للوقوف إلى جانب سورية، فجاء انعقاد مؤتمر دولي لمناهضة الإرهاب والتطرف الديني بمشاركة 25 دولة في دمشق، وعقد اتحاد الجاليات الفلسطينية في الشتات مؤتمرهم فيها أيضاً، حيث أكّد الجميع الوقوف إلى جانب سورية في محاربة الإرهاب، وإعادة عدد من الدول العربية حساباتها وعملها لإعادة فتح سفاراتها في سورية، ومؤتمر الأزهر، والذي يُعد المرجعية الإسلامية الأولى، وبمشاركة ممثلين عن 120 دولة، هي بالمجمل مؤشرات لتصحيح البوصلة نحو العدو الحقيقي للأمة الممثل بالكيان الصهيوني، وهذا لن يتم إلّا عبر البوابة السورية، التي أثبتت التجربة أنها آخر قلاع العروبة المحافظة على الهوية والمبادئ والحقوق العربية.

وعليه وبعدما استنفدت الإدارة الأمريكية كل ما في جعبتها من وسائل لإسقاط سورية، وباءت جميع  محاولاتها بالفشل، بدأت بلملمة أوراقها القذرة، والآن تمارس الضغط على من لم يستوعب الدرس، كـ “آل سعود” و”أردوغان”، لوقف تمويل ودعم الإرهاب، حيث رفضت مؤخراً المطلب السعودي التركي بإنشاء ما يُسمى مناطق حظر جوي في الشمال السوري، وتشدد الدبلوماسية الأمريكية على أنه لا بديل عن الحل السياسي للأزمة، وتمرر بين الفينة والأخرى تصريحات تؤكد على ضرورة التعاون مع الدولة السورية للقضاء على “داعش”، ما يعني أن واشنطن في طور الاستدارة والانكفاء.

بعبارة أخرى نعيش “الربع ساعة الأخير” من الحرب الكبرى على سورية، وفي نهايتها سترتسم ملامح ولادة عالم جديد ينهي هيمنة القطب الواحد ويعيد التوازن للقرار الدولي.