من خورو.. إلى رئيس الجمهورية / أحمد ولد إسلم

-A A +A
اثنين, 2015-03-16 14:54

"أكتب إلى فخامتك أول مرة، - وآخرها قطعا -، إذ لم يسبق أن حلمت أن أخاطب وزيرا أحرى رئيس دولة، وأنَّى لسوقة مثلي من عامة الناس، أن تحدثه بذلك نفس، ولكني أتجاسر متجاوزا الحبل الفاصل بين جموع مستقبليك وبين حاشيتك.

 

فهذا الميدان الواقع بين مبنى الولاية وقيادة المنطقة العسكرية عرفني خلال السنوات السبع والثلاثين الأخيرة مستقبلا كل قادم من حيث قدمتم.

 

كنت آتي في الجموع عدوا أيام شبابي، ثم فارسا أو راكبا أتقدم فرسان أو ركبان عشيرتي، مؤديا بذلك ما كنت أحسبه جزءا من واجب القرى.

 

ومنذ قدر لي ولأهل بيتي الحصول على بطاقة انتخاب، قبل أكثر من عشرين عاما ما عارض منا فرد، ولا أعدنا في ذلك نظرا، ولا ساورنا يوما سؤال عن نفع ذلك أو ضره.

 

واليوم وقد تقدم العمر بي إلى أن استجدى "الاثنان ثالثهم" و "قرب البعيد" و"تفرق الجمع" آملت أن من "يسعى سعيا يتفيأ ظله".

 

وها أنا على أبواب الستين أعيل صبية ما ولجوا يوما باب مدرسة، وما حالهم بأحسن من حال أبناء جرول ابن أوس العبسي، وإن كنت أعف منه لسانا.

 

وإن عامي لبين أمل وعمل، أعيش بالأول شهرا من الشتاء وكل الصيف، ومع الصيب الأول أنزع إلى الثاني، زارعا ما قدرت عليه من أرض لا ينازعني فيها أحد، ثم يكون لي من حصادها ما أبقت الهوام والطيور والسوائم.

 

ومنذ عشر سنين أو يزيد، آتي كل ما ذكر لي رئيس أو وزير قادما إلى هنا، فأسعى جهدي للقائه، آملا أن تساعدني الدولة بتمويل مشروع ذي قيمة أقي بمردوده بناتي عنت الحيا.

 

ثم تقاصر حلمي لكثرة الصد، وما عدت أرجو إلا سياجا شائكا أحيط به ما أبقت لي الأيام من أرضي، إلا أني لا أقبل في ذلك تسويفا، وخير لي أن أرد خائبا قانعا، من أن أعلق قلبي وبدني بما لا طمع فيه. "فابدأ بـ"لا" إذا خفت الندم"

 

هذه قصة "محمد ولد الخير" أو "خورو" كما أسميه، لا يعبر ما ورد فيها من رأي سياسي عنه، ولا طلب مني الحديث باسمه، ولكني كنت حدثته قبل يومين متسائلا عن الحصاد، فقال لي "الحريثة بلا قرياج اللا التعب".. ثم تذكرت ما أمضى الرجل من وقت وجهد بحثا عن تمويل، وكيف أنه منذ منتصف التسعينيات يحلم به.

 

كل ذلك توارد إلي وأنا أسمع أن الرجل المسؤول عن كل ما في البلد سيتجمع بولد الخير وعشرات الآلاف من أمثاله في صعيد واحد، ثم يتفرقون كل إلى سبيله، هو إلى قصره، وهم إلى أخبيتهم،..

 

يعودون وقد خسروا من الحياة أياما كان نفعها لهم لو أمضوها في بيوتهم أكبر، ورضوا من الغنيمة بالإياب.. وليس بعد تقاصر الحلم إلا فقدان الأمل.. والأمل هو ما يعيش به أولئك..

 

أما هو فسيعود إلى قصره، ولا أردي ماذا خسر..