موريتانيا: اتهام المعارضة باستغلال قضية الزنوج لتحقيق مآرب سياسية ضيقة

-A A +A
ثلاثاء, 2014-07-08 02:24

مساءلة برلمانية لوزير الداخلية تعيد الملف للواجهة..بعد أن كانت شبه منسية للانشغال عنها بأحداث أخرى بينها الانتخابات الرئاسية، عادت قضية زنوج موريتانيا العائدين من جديد السنغال للواجهة أمس، وذلك إثر مساءلة وجهها نائب برلماني منحدر من نفس المجموعة لوزير الداخلية الموريتاني محمد ولد أحمد سالم.

وأكد النائب في مساءلته التي أثارت نقاشا ساخنا بين نواب المعارضة ونواب الأغلبية، «أن 24536 مواطنا من المبعدين إلى السنغال عام 1989، قرروا العودة إلى موريتانيا طواعية على أساس الاتفاق الثلاثي الموقع سنة 2007 بين المفوضية العليا للاجئين والحكومتين الموريتانية والسنغالية».

«وبموجب هذا الاتفاق، يضيف النائب، كان يجب بعد ثلاثة أشهر تقييد هؤلاء المبعدين واستفادتهم من أوراق الحالة المدنية، كما كان من الواجب بصفة تدريجية إيجاد حلول مناسبة لجميع المشاكل الأخرى المتعلقة باستعادة مجموعة العائدين لممتلكاتهم من أراض، وماشية، ومساكن وكذا دمج هذه المجموعة في الحياة العامة».

وشدد النائب على «أن هؤلاء المبعدين لاحظوا عدم احترام هذا الاتفاق، ونظموا مسيرة سلمية من بوغى إلى نواكشوط من 25 أبريل إلى 4 مايو 2014، وجرت هذه المسيرة على طول 300 كلم بدون حوادث تذكر حتى دخلت نواكشوط حيث تم إيقافها وقمعها بطريقة وحشية، وكان هذا القمع يتسم بعنف قلما شوهد له مثيل».

وطالب النائب من وزير الداخلية «تسليط الضوء على هذه الأحداث الدرامية وتحديد الاجراءات التي ستتخذ لردع المسؤولين عن هذه الأعمال، مع بيان الاجراءات التي تنوي الحكومة الموريتانية أخذها لاسترداد هؤلاء المواطنين لكامل حقوقهم».

وحمل وزير لداخلية واللامركزية الموريتاني في ردوده «أوساط المعارضة المسؤولية عن الأحداث التي ذكرها النائب المعارض»، محذرا «من التلاعب بالمقدسات الوطنية واستخدامها من قبل السياسيين وسيلة لبلوغ مآربهم السياسية».

وقال في ردوده التي اتسمت بالشدة «ليس هناك من هو وصي على مجموعة أو فئة فالمواطنون الموريتانيون متساوون جميعا أبيضهم وأسودهم في الحقوق والواجبات».

وشدد الوزير الموريتاني الذي استجوب في جلسة علنية ساخنة «أن الحكومة الموريتانية استقبلت مواطنيها العائدين من السنغال بكل احترام وتقدير ووضعت استراتيجية شاملة لدمجهم حيث وفرت كامل المستلزمات الضرورية لدمجهم بين ذويهم فاستفادوا من توزيع الماشية والأراضي الصالحة للزراعة ووفرت لهم الخدمات الضرورية في أماكن إقامتهم».

وأوضح الوزير الموريتاني «أن المفوض السامي لشؤون اللاجئين شهد لموريتانيا بأنها استطاعت غلق ملف مواطنيها العائدين من السنغال بشكل نهائي وبحضور كافة الشركاء في هذه العملية».

وطالب الوزير «السياسيين بترك هؤلاء المواطنين لينسوا الماضي وليعيشوا بحرية وطمأنينة في ظل الأجواء المناسبة التي وفرتها لهم الدولة».

وشدد الوزير ولد أحمد سالم القول بأن «الحكومة ترفض أي مساس بالوحدة الوطنية وأي تعكير لانسجام المجتمع»,

وقال «إنه من غير المقبول أن يحاول شخص ما تنصيب نفسه كمتحدث عن مجموعة أو فئة من أجل استغلالها في تحقيق مآربه السياسية الشخصية».

وتحدث الوزير عن مسيرة العائدين فقال «إنها نظمت إثر زيارة قام بها أحد السياسيين المعارضين لهذه المدينة»؛ «وعند وصول المسيرة إلى مدخل العاصمة، يضيف الوزير أشعرناهم بأنه ليس لدينا أي مشكلة مع أي مواطن لديه قضية يحاول طرحها، ولكن عليهم أن يدخلوا بطريقة سلمية وأن ينفصلوا عن السياسيين».

وأشار الوزير إلى «أن قوات الأمن التي أرسلت لتأمين المسيرة فوجئت بأمواج كبيرة من المتظاهرين الذين قاموا بأعمال تخريبية كسرت على أثرها زجاجات 23 شاحنة، وهشمت واجهات بعض المحلات التجارية وتم الاعتداء على بعض المواطنين وتم القبض على المتورطين الذين ضبط من بينهم ستة أجانب».

وبخصوص حصول الزنوج العائدين على أوراقهم المدنية أوضح الوزير الموريتاني «أن جميع المواطنين سيحصلون على أوراقهم المدنية ضمن التسجيل البيومتري الجاري حاليا لضبط الحالة المدنية لكافة المواطنين بصورة دقيقة».

يذكر أن قضية هؤلاء المبعدين تعود للأزمة العرقية التي اندلعت بين موريتانيا والسنغال عام 1989 والتي راح ضحتيها مئات من مواطني البلدين قتلا وحرقا وإبعادا.

وتؤكد الحكومة الموريتانية الحالية أنها «بذلت الكثير من الجهد من أجل لملمة الجراح التاريخية بإعادة آخر فوج من اللاجئين في 25 آذار/مارس 2012، والذي سمي يوما للمصالحة الوطنية، كما تمت إعادة هؤلاء إلى وظائفهم وصرف منح للمتقاعدين ومنح تعويض لورثة ضحايا الانتهاكات ووضع معالم لقبور المختفين». غير أن حركة «لا تلمس جنسيتي» التي أسسها شباب زنوج ترفض طي هذا الملف وتطالب بمساءلة البرلمانيين الذين صوتوا على قانون العفو في العام 1993 لمعرفة الدور الذي قاموا به للتستر على ما وصفها بـ»جرائم الإبادة».

وتسعى هذه الحركة التي تقوم من حين لآخر بتظاهرات احتجاجية، لسن قانون جديد يعترف بتعرض السود الموريتانيين لتطهير عرقي، وتعويض المتضررين منهم، ومحاكمة المجرمين وفي مقدمتهم الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع.

وأكدت هذه الحركة في أحد بيناتها الأخيرة «أن لا أحد يستطيع طي ملف الزنوج قبل تحقيق العدالة الكاملة»، وهو ما ترى الحركة أنه «يتطلب تشكيل لجنة وطنية مستقلة تحقق في ماضي الإرث الإنساني وتكشف الحقائق كما هي بما في ذلك عدد القتلى وأماكن دفنهم وأسماء وهويات القاتلين الذين أمروا ونفذوا عمليات القتل قبل الحديث عن التعويض والصفح والتسامح».

 

عبد الله مولود- نواكشوط- «القدس العربي»: