بحيرة فولتا .. هل تحقق الطموحات الاقتصادية لغرب افريقيا ؟

-A A +A
أربعاء, 2014-08-27 11:31

حين أطلق الزعيم الغاني الأفريقي “كوامي نكروما”، العام 1961، أشغال بناء حوض بحيرة فولتا في قلب غرب أفريقيا، كان يرمي من وراء هذا المشروع الضخم إلى تطوير البنية التحتية، بغية دفع التنمية الوطنية والإقليمية، بهدف تحسين حياة سكان الريف الذين يعيشون على ضفاف البحيرة.

 

لكن، وبعد ما يقرب من 50 عاما على افتتاح هذا المشروع الرائد، والذي يعدّ أكبر خزان للمياه العذبة في العالم، ما يزال حلم “نكروما” بعيدا عن ملامسة أرض الواقع، بما أنّ جملة الأهداف الظرفية والهيكلية التي رسمها منذ وضعه لحجر أساس المشروع، لم تلق بعد أرضية مشتركة مع طموحات الأفارقة بمنطقة غرب افريقيا.

 

تغطي بحيرة فولتا مساحة 8502 كيلومتر مربع على ارتفاع 85 مترا، وتمتد إلى سد “أكوسومبو” في الغرب الإفريقي الذي تطلب بناؤه عام 1965 نقل حوالي 78 شخصا من مقر سكناهم، وهو ينتج اليوم في حدود 912 ميغاوات من الطاقة.

 

بداية، كان الهدف من تشييد السد، جعله مصدرا للطاقة الكهرومائية، واعتقد الأهالي أن بحيرة “فولتا” ستسهل عملية نقل إنتاجهم الفلاحي وتسويقه.

 

بيْد أن الأمور لم تسر كما انتظر القرويون وغلب شعور الإحباط على أهالي المنطقة إلى حد اليوم بعد أن أخفق المشروع في تحقيق ما يصبون إليه.

 

“سعيد إبراهيم”، مزارع وناقل لنبتة اليام (نبات ومحصول زراعي يتواجد في أغلب الدول الأستوائية) إلى بلدة “كيتي-كراتشي” الغانية على الضفة الغربية للبحيرة، يقول للأناضول إن المردود المالي لرحلة ذهاب وإياب أسبوعية واحدة على متن القارب “يابيي كوين” الممتدة على مسافة 500 كيلومتر بين شمال وجنوب فولتا، يبقى ضعيفا.

 

ويضيف: “يفضل المزارعون والتجار القيام بالرحلة بين الضفتين الشرقية والغربية على المراكب الخفيفة. وتدوم رحلة العبور ساعتين من الزمن على أقصى تقدير، ثم تستغرق الرحلة البرية على الطريق 4 ساعات قبل إيصال بضائعنا جنوبي فولتا. بالمقارنة مع اليابيي كوين الذي يستغرق 24 ساعة للقيام بنفس الرحلة، الاختيار واضح”.

 

القبطان “جوناتون”، بدوره، يعترف بمحدودية الخدمات التي يسديها الناقل الرسمي الوحيد بين شمال فولتا وجنوبها ويقول عن ذلك: “نحاول ان نقوم برحلتين أسبوعيا عوضا عن رحلة واحدة خلال موسم الحصاد الذي يحل عادة ما بين شهري أغسطس (آب) و أكتوبر (تشرين الأول). الأهالي يعتبرون الأمر غير كافيا ولكن عزاءهم في ذلك توفرهم على بدائل أخرى للقيام بالرحلة”.

 

“فولتا ريفر أوثوريتي”، الشركة الحكومية الغانية التي تدير الإنتاج الكهرومائي تتعرض إلى عديد الانتقادات بخصوص هذا الوضع.

 

ويقول مسؤول بهذه الشركة للأناضول مفضلا عدم الكشف عن إسمه أن “دعم شبكة النقل بين جنوب وشمال فولتا لا يتمتع بمردودية مالية” مشيرا إلى أنه من الأفضل بعث خطوط بحرية أخرى بين شرق البحيرة وغربها وإرفاق ذلك بإنشاء الشوارع والجسور”، لدعم سيولة حركة الأشخاص والسلع.

 

الدول الفرنكوفونية المحيطة بالمنطقة ، لم تجن ثمار البحيرة الاصطناعية كما أملت في ذلك عن ذلك الإيدبولوجيا الداعية إلى الوحدة الإفريقية لـ “نكروما”. ففيما تقوم الحكومة الغانية بتصدير الكهرباء الذي تنتجه بحيرة فولتا لبوركينافاسو و بنين والتوغو، شهدت أكرا تدفق العديد من المهاجرين الطوغوليين.

 

ومن ضمن عشرات آلاف التوغوليين الذين يتنقلون بين الضفتين الحدوديتين، ممن يشاركون أهالي فولتا المنتمين إلى مجموعة “إيو” العرقية نفس لغة شمالي غربي التوغو، يوجد آلاف القصّر الذين يقع استعبادهم في أعمال الصيد المزدهرة على امتداد ضفاف البحيرة.

 

وبحسب مسؤول بإحدى المنظمات غير الحكومية في مدينة “هو” شرقي “فولتا” للاناضول، فإن عديد الأسر التوغولية ترغب في عودة أطفالها إلى البلاد ولكن انهيار العملة الغانية في الأشهر الأخيرة لم تشجع هؤلاء المهاجرين على العودة” (كون أوضاعهم المادية ليست في أفضل أحوالها).

 

وأشار المسؤول إلى تدهور المقدرة الشرائية للعائلات التوغولية في فولتا، السبب الرئيس وراء”قرارهم البقاء حيث هم، وحيث يلقون روابط العرقية واللغوية.

 

“في جميع الأحوال فإن سوق العمل في توغو، الرسمي وغير الرسمي منه، لا يمكنه استيعابهم”، على حد تعبيره.