"دع ما يريبك إلى مالا يريبك" \ الطالب اخيار بن سيدي

أربعاء, 2014-10-01 15:12

كلما أطل على الأمة الإسلامية عيد الأضحى، كثر اللغط وازدحم الناس على أبواب الفقهاء يسألون عن أي الرؤيتين أحق بالإتباع، وتواردت الأسئلة بكل أشكالها وأنواعها، هل عرفة في العام الواحد أكثر من مرة؟ كيف العمل إن صادف صيامنا يوم الأضحى؟ هل صلاتنا وأضحيتنا وقعتا في موضعهما؟..

 

فيجيب هذا الفقيه عن هذه الأسئلة بنعم، ويجيب ذاك بلا، فيحصل التعارض عند السائل، فما يدري أي المسلكين أحق بالإتباع.

 

لهذا أردت أن أبين لأخي المسلم الأحوط في هذه القضايا كلها، أما صوم يوم عرفة فالأحوط فيه الصيام بالرؤية المتقدمة، لأن الصائم بها سالم على كل احتمال من صيام يوم الأضحى الذي أجمعت الأمة على أنه محرم لما صح عنه صل الله عليه وسلم أنه نهى عن صوم يومي الفطر والنحر..

 

ولأن أسوا الاحتمالات على  هذا التقدير هو أن يصادف صيام المسلم يوم التروية، وأسوأ منه على التقدير الآخر ـ وهو الصيام بالرؤية المتأخرة ـ أن يصادف صومه يوم العيد فهو اعتبارا بالرؤية المتقدمة ناج من الوقوع في صيام يوم الأضحى على كل تقدير، ولا كذلك إن صامه بالرؤية المتأخرة.

 

وأما الصلاة والأضحية فالأمر فيهما أيسر لأن أيام الصلاة ثلاثة، فعند أحمد تصلى من الغد وعند الحنفية تصلى ما لم تغرب شمس اليوم الثالث، وكذا أيام الأضحية ثلاثة وقيل أربعة فإن فات اليوم الأول جاز الذبح في اليومين التاليين بل في الأيام الثلاثة التالية ليوم العيد، وبهذا يكون الأحوط الاعتداد بالرؤية المتأخرة لأنه على كل احتمال يصادف أيام الأضحى، بخلاف ما إذا صلى وضحى اعتمادا على الرؤية المتقدمة فإنه يحتمل أن يصادف يوم عرفة وهو ليس ظرفا للصلاة ولا الأضحية البتة.

 

وإذا ما أردنا أن ننزل ما قلناه آنفا على شهر ذي الحجة من هذا العام (1435) فنقول: على المسلم أن يصوم يوم الجمعة لأنه إما أن يكون في نفس الأمر يوم عرفة فقد صادفه وصامه، وله أجره إن شاء الله، وإما أن يكون في نفس الأمر يوم التروية فقد صام يوما من الأشهر الحرم، وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم في شأنها (صم من الحرم واترك ثلاثا)، كما عليه أن يجتنب صيام يوم السبت منه لاحتمال أن يكون في نفس الأمر وحقيقته يوم العيد فيكون وقع في محرم وهو صوم يوم العيد المنهي عنه كما تقدم.

 

وإن صلى وضحى يوم الأحد فلا حرج لأنه إما أن يكون اليوم الأول أو الثاني من أيام العيد، وإن صلى وضحى يوم السبت فعلى أحد الاحتمالين يكون مصليا ومضحيا يوم عرفة وليس بظرف لهما.

 

وهذه التفاصيل مبنية على أن لكل أهل بلد رؤيتهم.

 

وعلى القول بعموم الرؤية فإنه لا وجود لشيء من هذه المشوشات المربكة التي تمت الإشارة إليها في  مقدمة هذا المقال، ويكفي في رجحان هذا القول أنه لا يطرح أي إشكال بخلاف مقابله.

 

وكان الأحرى بالمسلمين أن يعملوا بالقول الراجح لأن العمل به واجب لا راجح، كي يسلموا من هذه الاضطرابات في أيام رمضان والعيدين ولكي يسلموا من هذه المنغصات التي تجعل المسلم غير مقتنع بما يفعل وغير مطمئن على الدخول في هذه العبادات، بل إنه أحيانا يعتقد أنه لم يخرج من عهدة ما طلب منه، فيبقى في دوامة من الشكوك والتردد أعاذنا الله وإياكم من أن نبقى في ريب مترددين.