زوبعة الشرق… / سيد عبد الله الوافي

أربعاء, 2015-03-11 15:23

ستتصدر زيارة الرئيس في الأيام القليلة القادمة لولاية الحوض الشرقي المشهد العام،وستشكل مادة دسمة لأخبار"اليتيمتين" ولا أعتقد أن الولاية ستحصل على أكثر من غبار سيارات الوفود المرافقة لسيادته.

 

ستتقاطر أصناف البشر للقيا العزيز،يذكرني تقاطرهم ذاك إلى تلك البقاع ملاحم الشاعر العربي في رحلاته إلى المحبوب،بطولها ومشقتها وما يلاقيه من مسالك وعرة تطويها ركائبه طيا،حُقّ لكم أيها السائرون نحو الشرق تسطير تلك المشاهد وتخليدها وبعث أرواح فطاحلة الشعراء في قصائد خالدة،تمجد الرئيس وتحمل السلام الحيي من شعب الرئيس الوفي،على غرار نشيد خفيف كانت تغنيه فرق تلاميذ مدارس النعمه ذات يوم.

 

معاوي حياك كل البشر             تحية نور كوجه القمر...

 

أيها الوافد العائد يا ابن الولاية بالميلاد..كم مرة عدت إلى هذه الأرض بعد أن أعلنت صدودك فأتيت مرحبا ومهللا برئيس يزور ولسان حالك:

 

ولولاك لم أزر الحجاز وأهلها             ولم تزو عني بالعراق الكرائم

 

كم مرة نازعت السكان الكلام ونزعته،فكدت تفقد حنجرتك كي لا يغيب صوتك في زحام أصوات المزمرين المهللين أبدا؟،كم مرة وقفت على خيام رئيسٍ من جملة رؤساء البلد وحننت إلى الذي قبله؟ألست تذكرỊỊ..هنا قرعتَ أبوابَ خيالك تنسجُ صورا براقة للقائد العظيم،تستوحي من مدائح أبي الطيب جمال الحبكة فتُعجزك حتما،تصف لرئيسك بطولاته وأمجاده،وتاريخه الطويل في خدمة شعبه والعالم أجمع،صلاحه وإغداقه العطاء الجزيل للوطن، إلهامه الجماهير...ألا تستذكر أيام الذي قبله فتبكيها؟ أم أن وقوفك على تلك الأطلال وهبوب نسائم الترحيب لم يعد يحرك في نفسك شوقا إلى الصاحب الأول؟ هلاّ عدت إلى ماض قريب فيه وقفت هنا وحشدت وبعثت في قراك حاشرا أن هلموا إلي إن كنتم لنعمي شاكرين..فعلام حصلت؟وما حصدت من نفاقك في سبيل وفاقك؟وأين صار من أعليت قدره وأفنيتَ في ذكرِ محامدهِ دهرَك؟..

 

وأنت أيها الزائر الملهِم،فُتات قمح وأعلاف وسكر، برأيك يكفي مؤونة مرجوّ التنمية، بعد أن هشّمت عظام المواطن وأذللت كبرياءه "أملك" رئيسنا الموقر أضحى ألما،تحولنا إلى مجتمع على أبواب التشرد،شبابه ورجاله يعيشون نفيا قسريا في وطنهم -وأي عيشة- وآخرون اصطفاهم الله فتفرقوا في أرضه الواسعة ينهلون من خير حرمهم منه وطنهم وأمدتهم به غربتهم،حكمكم الرشيد أهمل هم المواطن وحقه في العيش الكريم،وأمهل الظلم والفساد فحطم الفقراء من حيث سوق أنه حامل همومهم ورافع نهضتهم..

 

زياراتكم المتكررة ليست لها أهمية ما دامت زيارات فقط، فقد جربتكم ولاية الحوض الشرقي كما جربت غيركم،فوعودكم جوفاء منذ عرفناكم،وهي قاعدة لا يخرمها استثناء أنكم عبدتم عشر كيلومترات من الطريق في مدينة النعمة فكان ما عبدتم أشبه بسدود داخل "المدينة" إذ لم تشيد باعتماد معايير هندسية تحافظ على سلامة ممتلكات المهمشين الذين استخدمتهم شعارا في حملاتك الدعائية المختلفة..حافظتم في زياراتكم على تقليد تدشين مشاريع سرعان ما يتبين أنها مشاريع وهمية أريد أن تضلل الرأي العام،وتكون حجارةُ أسسِ تلك المشاريع رؤوسَ الحربة في الزوبعة الإعلامية والحملة الدعائية المؤسسة على مجرد مشاريع قُرّر أن لا تعدو تلك الأسس التي اضمحلت وصارت إلى ما صارت إليه..

 

مشاكل وأزمات الولاية الأولى كثيرة لا تحصى،ولا تحلها مسلّمة محاصصة الوزارات المتفق عليها،فالمواطنون البسطاء لا يعنيهم أن يكون من مواليد الولاية عشرون وزيرا حائما بين الأرض والسماء أكثر مما تعنيهم إنجازات على أرض الواقع تلامس مشاغلهم وتحل أبسط مشاكلهم،هم لا يزالون يلتمسون ماء كان الرئيس بشحمه ولحمه أعلن تحقيق كفايتهم منه،لا يزالون يبحثون عن الألف كيلو وات التي أُعلن أن محطة النعمه الكهربائية قادرة على إنتاجها،يريدون أن يحصلوا على حقهم في الصحة وفي التعليم،لا يزالون ينشُدون تحقيق أمانيهم في مصنع للألبان واللحوم يمتص بعض بطالة أبنائهم ويستغل ثرواتهم..

 

هم لا يريدون المستحيل ووِلايتُهم باختصار منذ الاستقلال وحتى اليوم لا تحوي منشأة واحدة يشار إليها بالبنان،يتعلمون هنا وهناك،ينقلون مرضاهم ليتلقوا العلاج بعيدا عن العناية الفائقة التي وفرت لهم هناᴉᴉإنهم يهاجرون،وأنتم منذ توليكم الرئاسة وحتى الساعة تدشنون وتشيدون،فأين ما شيدتم وبنيتم؟..إنها يا عزيزي مجرد زوبعة سرعان ما تنقشع،فيا سيادة الرئيس "المدرك ابليام عريان".